ولما غيى ذلك بالبعث فتشوفت النفس إلى ما يكون بعده، وكان قد تقدم أن الناس - بعد أن كانوا أمة واحدة في الاجتماع على ربهم - تقطعوا قطعا، وتحزبوا أحزابا، وتعاضدوا بحكم ذلك وتناصروا، قال نافيا لذلك: فإذا نفخ أي بأسهل أمر النفخة الثانية وهي نفخة النشور، أو الثالثة للصعق في الصور فقاموا من القبور [ ص: 187 ] أو من الصعق فلا أنساب وهي أعظم الأسباب بينهم يذكرونها يتفاخرون بها يومئذ لما دهمهم من الأمر وشغلهم من البأس ولحقهم من الدهش ورعبهم من الهول وعلموا من عدم نفعها إلا ما أذن الله فيه، بل يفر الإنسان من أقرب الناس إليه، وإنما أنسابهم الأعمال الصالحة ولا يتساءلون أي في التناصر لأنه انكشف لهم أن لا حكم إلا الله وأنه لا تغني نفس عن نفس شيئا، فتسبب عن ذلك أنه لا نصرة إلا بالأعمال رحم الله بالتيسير لها ثم رحم بقبولها، فلذلك قال .