ولما دل ما مضى من قصص هؤلاء الأنبياء وغيرهم على أن وغيره، وكان ذلك دالا على التوحيد الذي هو أصل الدين، وأنهم كلهم متفقون عليه بالتصريح من البعض هنا ومن الباقين فيما سبق، كان إثباته فذلكة هذه القصص وما تقدمها من هذه السورة، فلذلك اتصل به قوله مخاطبا لمن قال لهم: أفأنتم له منكرون: لله القدرة الباهرة، والقوة البالغة الشاملة للبعث إن هذه أي الأنبياء الذين أرسلناهم قبل نبيكم صلى الله عليه وسلم رجالا نوحي إليهم كما أنه رجل نوحي إليه [ ص: 477 ] [لا آباؤكم ولا ما وجدتموه عليه -] أمتكم أي مقصودكم أيها الخلق بالاقتداء في الاهتداء، حال كونها أمة قال : وأصل الأمة الجماعة التي [هي -] على مقصد واحد - انتهى. وأكد سبحانه هذا المعنى فقال: البغوي واحدة كما في الخبر لا اختلاف بينهم أصلا في التوحيد الذي هو الأصل ولا في توجيه الرغبات إلينا، وقصر النظر علينا، علما منهم بما لنا من صفات الكمال، وأن كل شيء فإلينا مفتقر، ولدينا خاضع منكسر، فاتبعوهم في ذلك، لا تحيدوا عنهم تضلوا، وإنما فرقناهم وجعلناهم [عددا -] بحسب الأمم المتشعبة في الأزمان المتطاولة، وأنا لم نجعل لأحد منهم الخلد، [و -] لغير ذلك من الحكم، فبثثناهم في الأقطار، حتى ملؤوها من الأنوار. أنهم أولاد علات. أمهاتهم شتى ودينهم واحد.
ولما كان المقصود تعيين المراد من غير لبس، عدل عن صيغة العظمة فقال: وأنا ربكم أي لا غيري، في كل زمان وكل مكان، لكل أمة، لأني لا أتغير على طول الدهر، ولا يشغلني شأن عن شأن فاعبدون دون غيري فإنه لا كفؤ لي.