الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكتبة الإسلامية

الرئيسية
المكتبة الإسلامية

نظم الدرر في تناسب الآيات والسور

البقاعي - برهان الدين أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي

صفحة

جزء

فخرج عقب إعلام الله له بهذا على قومه [أي عاليا على العلية منهم -] من المحراب الذي كان فيه وهو صدر الهيكل وأشرف ما فيه، وهو منطلق اللسان بذكر الله منحبسه [ ص: 178 ] عن كلام الناس فأوحى إليهم أي أشار بشفتيه من غير نطق: قال الإمام أبو الحسن الرماني في [آل عمران ]: والرمز: الإيماء بالشفتين، وقد يستعمل في الإيماء بالحاجبين والعينين واليدين، والأول أغلب; قال: وأصله الحركة. وسبقه إلى ذلك الإمام أبو جعفر بن جرير الطبري فقال: وأما الرمز فإن الأغلب من معانيه عند العرب الإيماء بالشفتين، وقد يستعمل في الإيماء بالحاجبين والعينين أحيانا، وذلك غير كثير فيهم، وقد يقال للخفي من الكلام الذي مثل الهمس بخفض الصوت [الرمز -]. ثم نقل أن المراد به هنا تحرك الشفتين عن مجاهد - انتهى. وهو ظاهر أيضا في الوحي لأنه مطلق الإشارة والكناية والكلام الخفي، فيجوز أن يكون وحيه بكل منهما، لا يقدر على غير ذلك في مخاطبته للناس، فإذا توجه إلى مناجاة ربه سبحانه انطلق أحسن انطلاق أن سبحوا أي أوجدوا التنزيه والتقديس لله تعالى بالصلاة وغيرها بكرة وعشيا فحملت امرأته كما قلنا فولدت ولدا فسماه يحيى كما بشرناه به فكبر حتى ميز فقلنا:

فَخَرَجَ عَقِبَ إِعْلَامِ اللَّهِ لَهُ بِهَذَا عَلَى قَوْمِهِ [أَيْ عَالِيًا عَلَى الْعِلْيَةِ مِنْهُمْ -] مِنَ الْمِحْرَابِ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَهُوَ صَدْرُ الْهَيْكَلِ وَأَشْرَفُ مَا فِيهِ، وَهُوَ مُنْطَلِقُ اللِّسَانِ بِذِكْرِ اللَّهِ مُنْحَبِسُهُ [ ص: 178 ] عَنْ كَلَامِ النَّاسِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَيْ أَشَارَ بِشَفَتَيْهِ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ: قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الرُّمَّانِيُّ فِي [آلِ عِمْرَانَ ]: وَالرَّمْزُ: الْإِيمَاءُ بِالشَّفَتَيْنِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الْإِيمَاءِ بِالْحَاجِبَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ وَالْيَدَيْنِ، وَالْأَوَّلُ أَغْلَبُ; قَالَ: وَأَصْلُهُ الْحَرَكَةُ. وَسَبَقَهُ إِلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فَقَالَ: وَأَمَّا الرَّمْزُ فَإِنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ مَعَانِيهِ عِنْدَ الْعَرَبِ الْإِيمَاءُ بِالشَّفَتَيْنِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الْإِيمَاءِ بِالْحَاجِبَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ أَحْيَانًا، وَذَلِكَ غَيْرُ كَثِيرٍ فِيهِمْ، وَقَدْ يُقَالُ لِلْخَفِيِّ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي مِثْلُ الْهَمْسِ بِخَفْضِ الصَّوْتِ [الرَّمْزُ -]. ثُمَّ نَقَلَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا تَحَرُّكُ الشَّفَتَيْنِ عَنْ مُجَاهِدٍ - انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْضًا فِي الْوَحْيِ لِأَنَّهُ مُطْلَقُ الْإِشَارَةِ وَالْكِنَايَةِ وَالْكَلَامِ الْخَفِيِّ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَحْيُهُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، لَا يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فِي مُخَاطَبَتِهِ لِلنَّاسِ، فَإِذَا تَوَجَّهَ إِلَى مُنَاجَاةِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ انْطَلَقَ أَحْسَنَ انْطِلَاقٍ أَنْ سَبِّحُوا أَيْ أَوْجِدُوا التَّنْزِيهَ وَالتَّقْدِيسَ لِلَّهِ تَعَالَى بِالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا فَحَمَلَتِ امْرَأَتُهُ كَمَا قُلْنَا فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَسَمَّاهُ يَحْيَى كَمَا بَشَّرْنَاهُ بِهِ فَكَبِرَ حَتَّى مَيَّزَ فَقُلْنَا:

التالي السابق

الخدمات العلمية

تفسير الآية ترجمة علم عناوين الشجرة تخريج حديث