ثم زاد في الطغيان والبطر بقصر النظر على الحاضر فقال: وما أظن الساعة قائمة استلذاذا بما هو فيه وإخلادا [إليه -] واعتمادا عليه.
ولما كان الإنسان مجبولا على غلبة الرجاء عليه، فإذا حصل له من دواعي الغنى وطول الراحة وبلوغ المأمول والاستدراج بالظفر بالسؤال ما يربيه، ويثبت أصوله ويقويه، اضمحل الخوف فلم يزل يتضاءل حتى يتلاشى فكان عدما، فقال تعالى حاكيا عن هذا الكافر [ ص: 60 ] ما أثمر له الرجاء من أمانه من سوء ما يأتي به القدر مقسما: ولئن رددت [أي ردني راد -] إلى ربي المحسن إلي في هذه الدار، في السعة على تقدير قيامها الذي يستعمل في فرضه أداة الشك لأجدن خيرا منها أي هذه الجنة; وقرأ ابن كثير بالتثنية للجنتين وابن عامر منقلبا أي من جهة الانقلاب وزمانه ومكانه، لأنه ما أعطاني ذلك إلا باستحقاقي، وهو وصف لي غير منفك في الدارين، وإن لم يقولوا [نحو ] هذا بألسنة مقالهم فإن ألسنة أحوالهم ناطقة به، فكأنه قيل: إن هذا لفي عداد البهائم حيث قصر النظر على الجزئيات، ولم يجوز أن يكون التمويل استدراجا، فما قال له الآخر؟ فقيل: