ولما كان قد مضى من أدلة المعاد ما صيره كالشمس، وكان افتراؤهم قد ثبت بعدم قدرتهم على مستند بإذن الله لهم في ذلك، قال مشيرا [ ص: 149 ] إلى أن القيامة مما هو معلوم لا يسوغ إنكاره: وما ظن الذين يفترون أي: يتعمدون على الله أي الملك الأعظم الكذب أي: أنه نازل بهم يوم القيامة أي: هب أنكم لم تستحيوا منه ولم تخافوا عواقبه في الدنيا فما تظنون أنه يكون ذلك اليوم؟ أتظنون أنه لا يحاسبكم فيكون حينئذ قد فعل ما لا يفعله رب مع مربوبه.
ولما كان تعالى يعاملهم بالحلم وهم يتمادون في هذا العقوق، قال: إن الله أي الذي له الكمال كله لذو فضل أي: عظيم على الناس أي: بنعم منها إنزال الكتب مفصلا فيها ما يرضاه وما يسخطه وإرسال الرسل عليهم السلام لبيانها بما يحتمله عقول الخلق منها، ومنها طول إمهالهم على سوء أعمالهم فكان شكره واجبا عليهم ولكن أكثرهم أي الناس لاضطراب ضمائرهم لا يشكرون أي: لا يتجدد منهم شكر فهم لا يتبعون رسله ولا كتبه، فهم يخبطون خبط عشواء فيفعلون ما يغضبه سبحانه; والتحريم: عقد معنى النهي عن الفعل; والتحليل: حل معنى النهي بالإذن; والشكر: حق يجب بالنعمة من الاعتراف به والقيام فيما تدعو إليه على قدرها; وافتراء الكذب: تزويره وتنميقه فهو أفحش من مطلق الكذب.