ولما ذكر الذين أداهم كبرهم إلى التكذيب في الدنيا، ذكر أحوالهم في الآخرة فقال: أحوال المتكبرين والذين أي: كذبوا بها والحال أن الذين كذبوا بآياتنا أي: فلم يعتبروا عظمتها ولقاء الآخرة أي: ولقائهم إياها أو لقائهم ما وعدوا به فيها، اللازم من التكذيب بالآيات الحامل التصديق بها على معالي الأخلاق حبطت أي: فسدت فسقطت أعمالهم [والآية من الاحتباك: إثبات الغفلة أولا يدل على إرادتها ثانيا، واللقاء ثانيا يدل على إرادته أولا].
[ ص: 85 ] ولما كان كأنه قيل: لم بطلت؟ قيل: هل يجزون إلا ما أي: جزاء ما كانوا يعملون أي: بإبطال أعمالهم وإن عملوا كل حسن سوى الإيمان بسبب أنهم أبطلوا الآيات والآخرة بتكذيبهم بها، أي: عدوها باطلة، والجزاء من جنس العمل، والحاصل أنهم لما عموا عن الآيات لأنهم لم ينظروا فيها ولا انقادوا مع ما دلت عقولهم عليه من أمرها، بل سدوا باب الفكر فيها; زادهم الله عمى فختم على مداركهم، فصارت لا ينتفع بها فصاروا لا يعون، وهذه الآيات أعظم زاجر عن التكبر؛ فإنها بينت أنه يوجب الكفر والإصرار عليه والوهن في جميع الأمور،