ولما تشوف السامع إلى ما كان من جوابهم، أشار تعالى إلى أن قلقهم كان وصل إلى حد لا صبر معه بقوله مستأنفا: قالوا ولما كان الموجع هو الأذى، لا كونه من معين، بنوا للمفعول قولهم: أوذينا أي: بالقتل والاستعباد.
ولما كان أذاهم غير مستغرق للزمان، أثبتوا الجار فقالوا: من قبل أن تأتينا أي: كما تعلم ومن بعد ما جئتنا أي: فما الذي أفادنا مجيئك قال مسليا لهم وداعيا ومرجيا بما رمز إليه من قبل عسى ربكم أي: الذي أحسن إلى آبائكم بما تعرفون وإليكم بإرسالي إليكم أن يهلك عدوكم فلا يهولنكم ما ترون ويستخلفكم أي: ويوجد خلافتكم لهم متمكنين، لا يحكم عليكم غيركم في الأرض أي: جنسها إن كنتم متقين; ثم سبب عن الاستخلاف قوله مذكرا لهم محذرا من [ ص: 38 ] سطواته سبحانه: فينظر أي: وأنتم خلفاء متمكنون كيف تعملون أي: يعاملكم معاملة المختبر وهو في الأزل أعلم بما تعملون منكم بعد إيقاعكم للأعمال، ولكنه يفعل ذلك لتقوم الحجة عليكم على مجاري عاداتكم.