قوله تعالى: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها .
ظن أصحاب أن الله تعالى نص على حكم الخطإ، وأوجب التحرير فيه في ثلاثة مواضع، ثم قال من بعدها من غير فصل: أبي حنيفة، ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم ، فإيجاب الكفارة فيها خلاف الظاهر.
والجواب عنه: أن الله تعالى ذكر في الخطإ تمام ما أوجب فيه، ثم أبان للعمد مزية على الخطإ وذكر تلك المزية، وذلك لا ينفي إيجاب ما وجب في الخطإ، كما لا ينفي إيجاب الدية وإن وجبت في الخطإ، وإنما أوجب الله تعالى الكفارة في الخطإ، تعظيما لأمر الدم في مقابلته بالكفارة، [ ص: 483 ] وشرع في العمد مزية، فلا ينبغي أن تكون المزية مسقطة ما قد وجب في الخطإ. ولذلك قال رضي الله عنه: إذا وجبت الكفارة في الخطإ، فلأن تجب في العمد أولى. الشافعي
وقال إذا شرع السجود في السهو، فلأن يشرع في العمد أولى.
وقد قال تعالى في الخطإ توبة من الله . معناه أنه إنما أوجبه الله عليكم ليتقبل الله توبتكم فيما أنتم منسوبون به إلى التقصير.
وقيل: معنى التوبة التوسعة، وهي توسعة من الله ورحمة، كما قال: فتاب عليكم وعفا عنكم .
وقال تعالى: لقد تاب الله على النبي والمهاجرين : أي وسع الله على النبي والمهاجرين والأنصار وخفف عنهم: فهذا تمام البيان في هذه الآية.
قول الله تعالى: فصيام شهرين متتابعين : ومعلوم أنه كلفنا التتابع على حسب الإمكان، فالحيض لا يقطع التتابع في صوم الشهرين، وليس إذا انقطع التتابع لمدى لا يمكن الاحتراز عنه ما دل على أنه ينقطع، لما لا يمكن الاحتراز منه .