قوله (تعالى): وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب ؛ إلى قوله (تعالى): وما هو من عند الله ؛ يدل على أن لأنها لو كانت من فعله لكانت من عنده؛ وقد نفى الله (تعالى) نفيا عاما كون المعاصي من عنده؛ ولو كانت من فعله لكانت من عنده من آكد الوجوه؛ فكان لا يجوز إطلاق النفي بأنه ليس من عنده؛ فإن قيل: فقد يقال: إن الإيمان من عند الله؛ ولا يقال: إنه من عنده من كل الوجوه؛ كذلك الكفر؛ والمعاصي؛ قيل له: لأن إطلاق النفي يوجب العموم؛ وليس كذلك إطلاق الإثبات؛ ألا ترى أنك لو قلت: "ما عند زيد طعام"؛ كان نفيا لقليله وكثيره؛ ولو قلت: "عنده طعام"؛ ما كان عموما في كون جميع الطعام عنده؟ المعاصي ليست من عند الله (تعالى)؛ ولا من فعله;