قوله تعالى - : والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون روي عن في معنى الآية قال : " كانوا يكرهون للمؤمنين أن يذلوا أنفسهم فيجترئ عليهم الفساق " . وقال إبراهيم النخعي السدي هم ينتصرون معناه : ممن بغى عليهم من غير أن يعتدوا عليهم .
قال : قد ندبنا الله في مواضع من كتابه إلى العفو عن حقوقنا قبل الناس ، فمنه قوله : أبو بكر وأن تعفوا أقرب للتقوى وقوله تعالى في شأن القصاص : فمن تصدق به فهو كفارة له وقوله : وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم وأحكام هذه الآي ثابتة غير منسوخة .
وقوله : والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون يدل ظاهره على أن الانتصار في هذا الموضع أفضل ، ألا ترى أنه قرنه إلى ذكر الاستجابة لله - تعالى - وإقامة الصلاة ؟ وهو محمول على ما ذكره أنهم كانوا يكرهون للمؤمنين أن يذلوا أنفسهم فيجترئ الفساق عليهم ، فهذا فيمن تعدى وبغى وأصر على ذلك ، والموضع المأمور فيه بالعفو إذا كان الجاني نادما مقلعا . إبراهيم النخعي
وقد قال عقيب هذه الآية : ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ومقتضى ذلك إباحة الانتصار لا الأمر به ، وقد عقبه بقوله : ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور فهو محمول على الغفران عن غير المصر . فأما المصر على البغي والظلم فالأفضل الانتصار منه ، بدلالة الآية التي قبلها .
وحدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا قال : أخبرنا الحسن عن عبد الرزاق عن معمر قوله تعالى - : قتادة ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل قال : هذا فيما يكون بين الناس من القصاص ، فأما لو ظلمك رجل لم يحل لك أن تظلمه . آخر سورة حم عسق .