وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
(111) أي: ، فحكموا لأنفسهم بالجنة وحدهم، وهذا مجرد [ ص: 85 ] أماني غير مقبولة، إلا بحجة وبرهان، فأتوا بها إن كنتم صادقين، وهكذا كل من ادعى دعوى، لا بد أن يقيم البرهان على صحة دعواه، وإلا فلو قلبت عليه دعواه، وادعى مدع عكس ما ادعى بلا برهان لكان لا فرق بينهما، فالبرهان هو الذي يصدق الدعاوى أو يكذبها، ولما لم يكن بأيديهم برهان، علم كذبهم بتلك الدعوى. قال اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا، وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى
(112) ثم ذكر تعالى البرهان الجلي العام لكل أحد، فقال: بلى أي: ليس بأمانيكم ودعاويكم، ولكن من أسلم وجهه لله أي: أخلص لله أعماله، متوجها إليه بقلبه، وهو مع إخلاصه محسن في عبادة ربه، بأن عبده بشرعه، فأولئك هم أهل الجنة وحدهم.
فله أجره عند ربه وهو الجنة بما اشتملت عليه من النعيم، ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون فحصل لهم المرغوب، ونجوا من المرهوب.
ويفهم منها، أن من ليس كذلك، فهو من أهل النار الهالكين، فلا نجاة إلا لأهل الإخلاص للمعبود، والمتابعة للرسول.