ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبئوني بعلم إن كنتم صادقين
ثمانية أزواج الزوج : ما معه آخر من جنسه يزاوجه ويحصل منهما النسل ، والمراد بها : الأنواع الأربعة ، وإيرادها بهذا العنوان وهذا العدد تمهيد لما سيق له الكلام من الإنكار المتعلق بتحريم كل واحد من الذكر والأنثى وبما في بطنها ، وهو بدل من حمولة وفرشا ، منصوب بما نصبهما وجعله مفعولا لكلوا ، على أن قوله تعالى : " ولا تتبعوا ... " الآية معترض بينهما .
أو حالا من ما بمعنى مختلفة أو متعددة ، يأباه جزالة النظم الكريم ، لظهور أنه مسوق لتوضيح حال الأنعام بتفصيلها أولا إلى حمولة وفرش ، ثم بتفصيلها إلى ثمانية أزواج حاصلة من تفصيل الأولى إلى الإبل والبقر ، وتفصيل الثاني إلى الضأن والمعز ، ثم تفصيل كل من الأقسام الأربعة إلى الذكر والأنثى ، كل ذلك لتحرير المواد التي تقولوا فيها عليه سبحانه وتعالى بالتحليل والتحريم ، ثم تبكيتهم بإظهار كذبهم وافترائهم في كل مادة من تلك المواد ، بتوجيه الإنكار إليها مفصلة .
و" اثنين " في قوله سبحانه وتعالى : من الضأن اثنين بدل من " ثمانية أزواج " منصوب بناصبه ، وهو العامل في من ; أي : أنشأ من الضأن زوجين : الكبش والنعجة . [ ص: 193 ]
وقرئ : ( اثنان ) على الابتداء ، والضأن : اسم جنس كالإبل ، وجمعه : ضئين كأمير ، أو جمع ضائن ، كتاجر وتجر ، وقرئ بفتح الهمزة .
ومن المعز اثنين عطف على مثله شريك له في حكمه ; أي : وأنشأ من المعز زوجين : التيس والعنز . وقرئ بفتح العين ، وهو جمع ماعز ، كصاحب وصحب ، وحارس وحرس ، وقرئ : ( ومن المعزى ) .
وهذه الأزواج الأربعة تفصيل للفرش ، ولعل تقديمها في التفصيل مع تأخر أصلها في الإجمال ، لكون هذين النوعين عرضة للأكل الذي هو معظم ما يتعلق به الحل والحرمة ، وهو السر في الاقتصار على الأمر به في قوله تعالى : " كلوا مما رزقكم الله " من غير تعرض للانتفاع بالحمل والركوب ، وغير ذلك مما حرموه في السائبة وأخواتها .
قل تلوين للخطاب وتوجيه له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إثر تفصيل أنواع الأنعام التي أنشأها ; أي : قل تبكيتا لهم وإظهارا لانقطاعهم عن الجواب .
آلذكرين من ذينك النوعين ، وهما الكبش والتيس .
حرم ; أي : الله عز وجل كما تزعمون أنه هو المحرم .
أم الأنثيين هما النعجة والعنز ، ونصب الذكرين والأنثيين بحرم ، وهو مؤخر عنهما بحسب المعنى ، وإن توسط بينهما صورة .
وكذا قوله تعالى : أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين ; أي : أم ما حملت إناث النوعين حرم ، ذكرا كان أو أنثى .
وقوله تعالى : نبئوني بعلم ... إلخ ، تكرير للإلزام وتثنية للتبكيت والإفحام ; أي : أخبروني بأمر معلوم من جهة الله تعالى من الكتاب ، أو أخبار الأنبياء ، يدل على أنه تعالى حرم شيئا مما ذكر ، أو نبئوني تنبئة ملتبسة بعلم صادرة عنه .
إن كنتم صادقين ; أي : في دعوى التحريم عليه سبحانه .