وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون
وكذلك نصرف الآيات ; أي : مثل ذلك التصريف البديع نصرف الآيات الدالة على المعاني الرائقة ، الكاشفة عن الحقائق الفائقة ، لا تصريفا أدنى منه .
وقوله تعالى : وليقولوا درست علة لفعل قد حذف تعويلا على دلالة السياق عليه ; أي : وليقولوا درست نفعل ما نفعل من التصريف المذكور .
واللام للعاقبة ، والواو اعتراضية ، وقيل : هي عاطفة على علة محذوفة ، واللام متعلقة بنصرف ; أي : مثل ذلك التصريف نصرف الآيات ، لنلزمهم الحجة وليقولوا ... إلخ .
وقيل : اللام لام الأمر ، وتنصره القراءة بسكون اللام ، كأنه قيل : وكذلك نصرف الآيات وليقولوا هم ما يقولون ، فإنه لا احتفال بهم ولا اعتداد بقولهم ، وهذا أمر معناه : الوعيد ، والتهديد ، وعدم الاكتراث بقولهم ، ورد عليه بأن ما بعده يأباه .
ومعنى درست : قرأت وتعلمت ، وقرئ : ( دارست ) ; أي : دارست العلماء ، ودرست ; أي : قدمت [ ص: 171 ] هذه الآيات وعفت ، كما قالوا : أساطير الأولين ، ودرست بضم الراء مبالغة في درست ; أي : اشتد دروسها ، ودرست على البناء للمفعول بمعنى : قرئت ، أو عفيت ، ودارست ، وفسروها بدارست اليهود محمدا صلى الله عليه وسلم ، وجاز الإضمار لاشتهارهم بالدراسة .
وقد جوز إسناد الفعل إلى الآيات ، وهو في الحقيقة لأهلها ; أي : دارس أهل الآيات وحملتها محمدا صلى الله عليه وسلم ، وهم أهل الكتاب . ودرس ; أي : درس محمد ، ودارسات ; أي : هي دارسات ; أي : قديمات ، أو ذات درس ، كعيشة راضية .
وقوله تعالى : ولنبينه عطف على ليقولوا ، واللام على الأصل ; لأن التبيين غاية التصريف ، والضمير للآيات باعتبار المعنى ، أو للقرآن وإن لم يذكر ، أو للمصدر ; أي : ولنفعل التبيين .
واللام في قوله تعالى : لقوم يعلمون متعلقة بالتبيين ، وتخصيصه بهم لما أنهم المنتفعون به . قال : هم أولياؤه الذين هداهم إلى سبيل الرشاد . ووصفهم بالعلم للإيذان بغاية جهل الأولين ، وخلوهم عن العلم بالمرة . ابن عباس