nindex.php?page=treesubj&link=28977_29675_30549_31848_34131_34135_34153nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81وكيف أخاف ما أشركتم استئناف مسوق لنفي الخوف عنه عليه السلام بحسب زعم الكفرة بالطريق الإلزامي كما سيأتي ، بعد نفيه عنه بسبب الواقع ونفس الأمر ، والاستفهام لإنكار الوقوع ونفيه بالكلية ، كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=7كيف يكون للمشركين عهد عند الله ... الآية ; لا لإنكار الواقع واستبعاده مع وقوعه ، كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=28كيف تكفرون بالله ... إلخ ، وفي توجيه الإنكار إلى كيفية الخوف من المبالغة ، ما ليس في توجيهه إلى نفسه بأن يقال : أأخاف لما أن كل موجود يجب أن يكون وجوده على حال من الأحوال ، وكيفية من الكيفيات قطعا ؟ فإذا انتفى جميع أحواله وكيفياته ، فقد انتفى وجوده من جميع الجهات بالطريق البرهاني .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81ولا تخافون أنكم أشركتم بالله حال من ضمير " أخاف " بتقدير مبتدأ ، والواو كافية في الربط من غير حاجة إلى الضمير العائد إلى ذي الحال ، وهو مقرر لإنكار الخوف ونفيه عنه عليه السلام ، ومفيد لاعترافهم بذلك ، فإنهم حيث لم يخافوا في محل الخوف ; فلأن لا يخاف عليه السلام في محل الأمن أولى وأحرى ; أي : وكيف أخاف أنا ما ليس في حيز الخوف أصلا ، وأنتم لا تخافون غائلة ما هو أعظم المخوفات وأهولها ، وهو إشراككم بالله الذي ليس كمثله شيء في الأرض ولا في السماء ما هو من جملة مخلوقاته ؟
وإنما عبر عنه بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81ما لم ينزل به ; أي : بإشراكه .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81عليكم سلطانا على طريقة التهكم مع الإيذان بأن الأمور الدينية لا يعول فيها إلا على الحجة المنزلة من عند الله تعالى ، وفي تعليق الخوف الثاني بإشراكهم من المبالغة ومراعاة حسن الأدب ما لا يخفى .
هذا ، وأما ما قيل : من أن قوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81ولا تخافون ... " إلخ ، معطوف على "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81أخاف " داخل معه في حكم الإنكار والتعجيب ، فمما لا سبيل إليه أصلا لإفضائه إلى فساد المعنى قطعا ، كيف لا وقد عرفت أن الإنكار بمعنى النفي بالكلية ، فيؤول المعنى إلى نفي الخوف عنه عليه الصلاة والسلام ، ونفي نفيه عنهم ، وأنه بين الفساد ، وحمل الإنكار في الأول على معنى نفي الوقوع ، وفي الثاني على استبعاد الواقع مما لا مساغ له ، على أن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81فأي الفريقين أحق بالأمن ناطق ببطلانه حتما ، فإنه كلام مرتب على إنكار خوفه عليه الصلاة
[ ص: 156 ] والسلام في محل الأمن ، مع تحقق عدم خوفهم في محل الخوف ، مسوق لإلجائهم إلى الاعتراف باستحقاقه عليه الصلاة والسلام لما هو عليه من الأمن ، وبعدم استحقاقهم لما هم عليه ، وإنما جيء بصيغة التفضيل المشعرة باستحقاقهم له في الجملة ، لاستنزالهم عن رتبة المكابرة والاعتساف بسوق الكلام على سنن الإنصاف .
والمراد بالفريقين : الفريق الآمن في محل الأمن ، والفريق الآمن في محل الخوف ; فإيثار ما عليه النظم الكريم على أن يقال : فأينا أحق بالأمن أنا أم أنتم ؟ لتأكيد الإلجاء إلى الجواب الحق بالتنبيه على علة الحكم ، والتفادي عن التصريح بتخطئتهم ، لا لمجرد
nindex.php?page=treesubj&link=15944الاحتراز عن تزكية النفس .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81إن كنتم تعلمون المفعول إما محذوف تعويلا على ظهوره بمعونة المقام ; أي : إن كنتم تعلمون من أحق بذلك ، أو قصدا إلى التعميم ; أي : إن كنتم تعلمون شيئا ، وإما متروك بالمرة ; أي : إن كنتم من أولي العلم ، وجواب الشرط محذوف ; أي : فأخبروني .
nindex.php?page=treesubj&link=28977_29675_30549_31848_34131_34135_34153nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ اسْتِئْنَافٌ مَسُوقٌ لِنَفْيِ الْخَوْفِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِحَسَبِ زَعْمِ الْكَفَرَةِ بِالطَّرِيقِ الْإِلْزَامِيِّ كَمَا سَيَأْتِي ، بَعْدَ نَفْيِهِ عَنْهُ بِسَبَبِ الْوَاقِعِ وَنَفْسِ الْأَمْرِ ، وَالِاسْتِفْهَامُ لِإِنْكَارِ الْوُقُوعِ وَنَفْيِهِ بِالْكُلِّيَّةِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=7كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ ... الْآيَةَ ; لَا لِإِنْكَارِ الْوَاقِعِ وَاسْتِبْعَادِهِ مَعَ وُقُوعِهِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=28كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ ... إِلَخْ ، وَفِي تَوْجِيهِ الْإِنْكَارِ إِلَى كَيْفِيَّةِ الْخَوْفِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ ، مَا لَيْسَ فِي تَوْجِيهِهِ إِلَى نَفْسِهِ بِأَنْ يُقَالَ : أَأَخَافُ لِمَا أَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ وُجُودُهُ عَلَى حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ ، وَكَيْفِيَّةٍ مِنَ الْكَيْفِيَّاتِ قَطْعًا ؟ فَإِذَا انْتَفَى جَمِيعُ أَحْوَالِهِ وَكَيْفِيَّاتُهُ ، فَقَدِ انْتَفَى وَجُودُهُ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ بِالطَّرِيقِ الْبُرْهَانِيِّ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ " أَخَافُ " بِتَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ ، وَالْوَاوُ كَافِيَةٌ فِي الرَّبْطِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى الضَّمِيرِ الْعَائِدِ إِلَى ذِي الْحَالِ ، وَهُوَ مُقَرِّرٌ لِإِنْكَارِ الْخَوْفِ وَنَفْيِهِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَمُفِيدٌ لِاعْتِرَافِهِمْ بِذَلِكَ ، فَإِنَّهُمْ حَيْثُ لَمْ يَخَافُوا فِي مَحِلِّ الْخَوْفِ ; فَلِأَنْ لَا يَخَافَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مَحِلِّ الْأَمْنِ أَوْلَى وَأَحْرَى ; أَيْ : وَكَيْفَ أَخَافُ أَنَا مَا لَيْسَ فِي حَيِّزِ الْخَوْفِ أَصْلًا ، وَأَنْتُمْ لَا تَخَافُونَ غَائِلَةَ مَا هُوَ أَعْظَمُ الْمَخُوفَاتِ وَأَهْوَلُهَا ، وَهُوَ إِشْرَاكُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ مَا هُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَخْلُوقَاتِهِ ؟
وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ ; أَيْ : بِإِشْرَاكِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا عَلَى طَرِيقَةِ التَّهَكُّمِ مَعَ الْإِيذَانِ بِأَنَّ الْأُمُورَ الدِّينِيَّةَ لَا يُعَوَّلُ فِيهَا إِلَّا عَلَى الْحُجَّةِ الْمُنَزَّلَةِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَفِي تَعْلِيقِ الْخَوْفِ الثَّانِي بِإِشْرَاكِهِمْ مِنَ الْمُبَالَغَةِ وَمُرَاعَاةِ حُسْنِ الْأَدَبِ مَا لَا يَخْفَى .
هَذَا ، وَأَمَّا مَا قِيلَ : مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81وَلا تَخَافُونَ ... " إِلَخْ ، مَعْطُوفٌ عَلَى "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81أَخَافُ " دَاخِلٌ مَعَهُ فِي حُكْمِ الْإِنْكَارِ وَالتَّعْجِيبِ ، فَمِمَّا لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ أَصْلًا لِإِفْضَائِهِ إِلَى فَسَادِ الْمَعْنَى قَطْعًا ، كَيْفَ لَا وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ الْإِنْكَارَ بِمَعْنَى النَّفْيِ بِالْكُلِّيَّةِ ، فَيَؤُولُ الْمَعْنَى إِلَى نَفْيِ الْخَوْفِ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَنَفْيِ نَفْيِهِ عَنْهُمْ ، وَأَنَّهُ بَيِّنُ الْفَسَادِ ، وَحَمْلُ الْإِنْكَارِ فِي الْأَوَّلِ عَلَى مَعْنَى نَفْيِ الْوُقُوعِ ، وَفِي الثَّانِي عَلَى اسْتِبْعَادِ الْوَاقِعِ مِمَّا لَا مَسَاغَ لَهُ ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ نَاطِقٌ بِبُطْلَانِهِ حَتْمًا ، فَإِنَّهُ كَلَامٌ مُرَتَّبٌ عَلَى إِنْكَارِ خَوْفِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
[ ص: 156 ] وَالسَّلَامُ فِي مَحِلِّ الْأَمْنِ ، مَعَ تَحَقُّقِ عَدَمِ خَوْفِهِمْ فِي مَحِلِّ الْخَوْفِ ، مَسُوقٌ لِإِلْجَائِهِمْ إِلَى الِاعْتِرَافِ بِاسْتِحْقَاقِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَمْنِ ، وَبِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِمْ لِمَا هُمْ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا جِيءَ بِصِيغَةِ التَّفْضِيلِ الْمُشْعِرَةِ بِاسْتِحْقَاقِهِمْ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ ، لِاسْتِنْزَالِهِمْ عَنْ رُتْبَةِ الْمُكَابَرَةِ وَالِاعْتِسَافِ بِسَوْقِ الْكَلَامِ عَلَى سَنَنِ الْإِنْصَافِ .
وَالْمُرَادُ بِالْفَرِيقَيْنِ : الْفَرِيقِ الْآمِنِ فِي مَحِلِّ الْأَمْنِ ، وَالْفَرِيقِ الْآمِنِ فِي مَحِلِّ الْخَوْفِ ; فَإِيثَارُ مَا عَلَيْهِ النَّظْمُ الْكَرِيمُ عَلَى أَنْ يُقَالَ : فَأَيُّنَا أَحَقُّ بِالْأَمْنِ أَنَا أَمْ أَنْتُمْ ؟ لِتَأْكِيدِ الْإِلْجَاءِ إِلَى الْجَوَابِ الْحَقِّ بِالتَّنْبِيهِ عَلَى عِلَّةِ الْحُكْمِ ، وَالتَّفَادِي عَنِ التَّصْرِيحِ بِتَخْطِئَتِهِمْ ، لَا لِمُجَرَّدِ
nindex.php?page=treesubj&link=15944الِاحْتِرَازِ عَنْ تَزْكِيَةِ النَّفْسِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ الْمَفْعُولُ إِمَّا مَحْذُوفٌ تَعْوِيلًا عَلَى ظُهُورِهِ بِمَعُونَةِ الْمَقَامِ ; أَيْ : إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ مَنْ أَحَقُّ بِذَلِكَ ، أَوْ قَصْدًا إِلَى التَّعْمِيمِ ; أَيْ : إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ شَيْئًا ، وَإِمَّا مَتْرُوكٌ بِالْمَرَّةِ ; أَيْ : إِنْ كُنْتُمْ مِنْ أُولِي الْعِلْمِ ، وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ ; أَيْ : فَأَخْبِرُونِي .