بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين
بلى إيجاب لما بعد "لن" وتحقيق له، أي: بلى; يكفيكم ذلك ثم وعد لهم الزيادة بشرط الصبر والتقوى حثا لهم عليهما وتقوية لقلوبهم، فقال: إن تصبروا على لقاء العدو ومناهضتهم. وتتقوا معصية الله ومخالفة نبيه عليه الصلاة والسلام. ويأتوكم أي: المشركين. من فورهم هذا أي: من ساعتهم هذه، وهو في الأصل مصدر فارت القدر، أي: اشتد غليانها ثم استعير للسرعة ثم أطلق على كل حالة لا ريث فيها أصلا، ووصفه بهذا لتأكيد السرعة بزيادة تعيينه وتقريبه ، ونظم إتيانهم بسرعة في سلك شرطي الإمداد المستتبعين له وجودا وعدما أعني: الصبر والتقوى مع تحقق الإمداد لا محالة سواء أسرعوا أو أبطئوا لتحقيق سرعة الإمداد لا لتحقيق أصله أو لبيان تحققه على أي حال فرض على أبلغ وجه وآكده بتعليقه بأبعد التقادير ليعلم تحققه على سائرها بالطريق الأولى، فإن هجوم الأعداء وإتيانهم بسرعة من مظان عدم لحوق المدد عادة فعلق به تحقق الإمداد إيذانا بأنه حيث تحقق مع ما ينافيه عادة فلأن يتحقق بدونه أولى وأحرى، كما إذا أردت وصف درع بغاية الحصانة تقول إن لبستها وبارزت بها الأعداء فضربوك بأيد شداد وسيوف حداد لم تتأثر منها قطعا. يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين من التسويم الذي هو إظهار سيما الشيء، أي: معلمين أنفسهم أو خيلهم، فقد روي أنهم كانوا بعمائم بيض إلا جبريل عليه السلام فإنه كان بعمامة صفراء على مثال وروي [ ص: 81 ] أنهم كانوا على خيل بلق، قال الزبير بن العوام. كانت الملائكة على خيل بلق عليهم عمائم بيض قد أرسلوها بين أكتافهم. وقال عروة بن الزبير: هشام بن عروة: عمائم صفر. وقال قتادة وكانوا قد أعلموا بالعهن في نواصي الخيل وأذنابها. روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: والضحاك: وقرئ "مسومين" على البناء للمفعول، ومعناه: معلمين من جهته سبحانه، وقيل: مرسلين من التسويم بمعنى الإسامة. "تسوموا فإن الملائكة قد تسومت".