إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون
إذ همت بدل من "إذ غدوت" مبين لما هو المقصود بالتذكير أو ظرف لـ "سميع عليم" على معنى أنه تعالى جامع بين سماع الأقوال والعلم بالضمائر في ذلك الوقت إذ لا وجه لتقييد كونه تعالى سميعا عليما بذلك الوقت. قال معنى قولك: "ضربت وأكرمت زيدا" أن زيدا منصوب بهما وأنهما تسلطا عليه معا. الفراء: طائفتان منكم أن تفشلا متعلق بـ "همت" والباء محذوفة، أي: بأن تفشلا، أي: تجبنا وتضعفا، وهما حيان من [ ص: 79 ] الأنصار بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس، وهما الجناحان من عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا ألف رجل، وقيل: تسعمائة وخمسين، وعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الفتح إن صبروا فلما قاربوا عسكر الكفرة وكانوا ثلاثة آلاف انخذل عبد الله بن أبي بثلث الناس فقال: يا قوم علام نقتل أنفسنا وأولادنا؟، فتبعهم عمرو بن حزم الأنصاري فقال: أنشدكم الله في نبيكم وأنفسكم، فقال عبد الله: لو نعلم قتالا لاتبعناكم فهم الحيان باتباع عبد الله فعصمهم الله تعالى فمضوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن رضي الله عنهما أضمروا أن يرجعوا فعزم الله لهم على الرشد فثبتوا، والظاهر أنها ما كانت إلا همة وحديث نفس قلما تخلو النفس عنه عند الشدائد. ابن عباس والله وليهما أي: عاصمهما عن اتباع تلك الخطرة، والجملة اعتراض، ويجوز أن تكون حالا من فاعل "همت" أو من ضميره في "تفشلا" مفيدة لاستبعاد فشلهما أو همهما به مع كونهما في ولاية الله تعالى. وقرئ "والله وليهم" كما في قوله تعالى: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا . وعلى الله وحده دون ما عداه مطلقا استقلالا أو اشتراكا. فليتوكل المؤمنون في جميع أمورهم فإنه حسبهم، وإظهار الاسم الجليل للتبرك والتعليل فإن الألوهية من موجبات التوكل عليه تعالى ، واللام في المؤمنين للجنس فيدخل فيه الطائفتان دخولا أوليا وفيه إشعار بأن وصف الإيمان من دواعي التوكل وموجباته.