وقوله تعالى : الذين أخرجوا من ديارهم في حيز الجر على أنه صفة للموصول الأول ، أو بيان له ، أو بدل منه ، أو في محل النصب على المدح ، أو في محل الرفع بإضمار مبتدأ ، والجملة مرفوعة على المدح ، والمراد بديارهم : مكة المعظمة . بغير حق متعلق بأخرجوا ، أي : أخرجوا بغير ما يوجب إخراجهم .
وقوله تعالى : إلا أن يقولوا ربنا الله بدل من حق ، أي : بغير موجب سوى التوحيد الذي ينبغي أن يكون موجبا للإقرار والتمكين دون الإخراج والتسيير ، لكن لا على الظاهر بل على طريقة قول النابغة :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم .... بهن فلول من قراع الكتائب
وقيل : الاستثناء منقطع .
ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض بتسليط المؤمنين على الكافرين في كل عصر وزمان ، وقرئ : "دفاع" .
لهدمت لخربت باستيلاء المشركين على أهل الملل ، وقرئ : "هدمت" بالتخفيف . صوامع للرهبانية وبيع للنصارى وصلوات أي : وكنائس لليهود سميت بها لأنها يصلى فيها ، وقيل : أصلها صلوتا بالعبرية فعربت . ومساجد للمسلمين يذكر فيها اسم الله كثيرا أي : ذكرا كثيرا أو وقتا كثيرا ، صفة مادحة للمساجد خصت بها دلالة على فضلها وفضل أهلها ، وقيل : صفة للأربع وليس كذلك ، فإن بيان ذكر الله عز وجل في الصوامع والبيع والكنائس بعد انتساخ شرعيتها مما لا يقتضيه المقام ولا يرتضيه الأفهام .
ولينصرن الله من ينصره أي : وبالله ينصرن الله من ينصر أولياءه أو من ينصر دينه ، ولقد أنجز الله عز سلطانه وعده حيث سلط المهاجرين والأنصار على صناديد العرب وأكاسرة العجم وقياصرة الروم وأورثهم أرضهم وديارهم .
إن الله لقوي على كل ما يريده من مراداته التي من جملتها نصرهم . عزيز لا يمانعه شيء ولا يدافعه .