ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى
ولا تمدن عينيك أي : لا تطل نظرهما بطريق الرغبة والميل إلى ما متعنا به من زخارف الدنيا .
وقوله تعالى : أزواجا منهم أي : أصناما من الكفرة مفعول "متعنا" قدم عليه الجار والمجرور للاعتناء به ، أو هو حال من الضمير ، والمفعول "منهم" أي : إلى الذي متعنا به ، وهو أصناف وأنواع بعضهم على أنه معنى من التبعيضية ، أو بعضا منهم على حذف الموصوف كما مر مرارا .
زهرة الحياة الدنيا منصوب بمحذوف يدل عليه "متعنا" ، أي : أعطينا ، أو "به" على تضمين معناه ، أو بالبدلية من محل "به" أو من "أزواجا" بتقدير مضاف أو بدونه ، أو بالذم وهي الزينة والبهجة . وقرئ : "زهرة" بفتح الهاء ، وهي لغة كالجهرة في الجهرة ، أو جمع زاهر وصف لهم بأنهم زاهر والدنيا لتنعمهم وبهاء زيهم بخلاف ما عليه المؤمنون الزهاد .
لنفتنهم فيه متعلق بمتعنا جيء به للتنفير عنه ببيان سوء عاقبته مآلا إثر إظهار بهجته حالا ، أي : لنعاملهم معاملة من يبتليهم ويختبرهم فيه أو لنعذبهم في الآخرة بسببه . ورزق ربك أي : ما ادخر لك في الآخرة أو ما رزقك في الدنيا من النبوة والهدى خير مما منحهم في الدنيا لأنه مع كونه [ ص: 51 ] في نفسه أجل ما يتنافس فيه المتنافسون مأمون الغائلة بخلاف ما منحوه . وأبقى فإنه لا يكاد ينقطع نفسه أو أثره أبدا كما عليه زهرة الدنيا .