والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم .
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا : عود إلى بيان بقية الأحكام المفصلة فيما سلف؛ إثر بيان أحكام وسطت بينهما؛ لما أشير إليه من الحكمة الداعية إلى ذلك؛ وصية لأزواجهم أي: يوصون؛ أو: ليوصوا؛ أو: كتب الله (تعالى) عليهم وصية؛ ويؤيد هذا قراءة من قرأ "كتب عليكم الوصية لأزواجكم"؛ وقرئ بالرفع؛ على تقدير مضاف في المبتدإ؛ أو الخبر؛ أي: "حكم الذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم"؛ أو: "والذين يتوفون أهل وصية لأزواجهم"؛ أو: "كتب عليهم وصية"؛ أو: "عليهم وصية"؛ وقرئ: "متاع لأزواجهم"؛ بدل "وصية"؛ متاعا إلى الحول : منصوب بـ "يوصون"؛ إن أضمرته؛ وإلا فبـ "الوصية"؛ أو: بـ "متاع"؛ على القراءة الأخيرة؛ غير إخراج : بدل منه؛ أو مصدر مؤكد؛ كما في قولك: "هذا القول غير ما تقول"؛ أو حال من "أزواجهم"؛ أي: غير مخرجات؛ والمعنى: يجب على الذين يتوفون أن يوصوا قبل الاحتضار لأزواجهم بأن يمتعن بعدهم حولا؛ بالنفقة؛ والسكنى؛ وكان ذلك أول الإسلام؛ ثم نسخت المدة بقوله (تعالى): أربعة أشهر وعشرا ؛ فإنه؛ وإن كان متقدما في التلاوة؛ متأخر في النزول؛ وسقطت النفقة بتوريثها الربع؛ أو الثمن؛ وكذلك السكنى عندنا؛ وعند هي باقية؛ الشافعي فإن خرجن ؛ عن منزل الأزواج باختيارهن؛ فلا جناح عليكم ؛ أيها الأئمة؛ في ما فعلن في أنفسهن من معروف ؛ لا ينكره الشرع؛ كالتزين؛ والتطيب؛ وترك الحداد؛ والتعرض للخطاب؛ وفيه دلالة على أن المحظور إخراجها عند إرادة القرار؛ وملازمة مسكن الزوج؛ والحداد؛ من غير أن يجب [ ص: 237 ] عليها ذلك؛ وأنها كانت مخيرة بين الملازمة؛ مع أخذ النفقة؛ وبين الخروج؛ مع تركها؛ والله عزيز : غالب على أمره؛ يعاقب من خالفه؛ حكيم ؛ يراعي في أحكامه مصالح عباده.