قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=41واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا [ ص: 36 ] nindex.php?page=treesubj&link=28990قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=41واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا المعنى : واذكر في الكتاب الذي أنزل عليك وهو القرآن قصة
إبراهيم وخبره . وقد تقدم معنى الصديق في ( النساء ) واشتقاق الصدق في ( البقرة ) فلا معنى للإعادة ومعنى الآية : اقرأ عليهم يا
محمد في القرآن أمر
إبراهيم فقد عرفوا أنهم من ولده ، فإنه كان حنيفا مسلما وما كان يتخذ الأنداد ، فهؤلاء لم يتخذون الأنداد ؟ ! وهو كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=130ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=42إذ قال لأبيه وهو آزر . وقد تقدم . يا أبت قد تقدم القول فيه في ( يوسف ) لم تعبد أي لأي شيء تعبد :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=42ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا يريد الأصنام .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=43ياأبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك أي من اليقين والمعرفة بالله وما يكون بعد الموت ، وأن من عبد غير الله عذب . فاتبعني إلى ما أدعوك إليه .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=43أهدك صراطا سويا أي أرشدك إلى دين مستقيم فيه النجاة .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=44يا أبت لا تعبد الشيطان أي لا تطعه فيما يأمرك به من الكفر ، ومن أطاع شيئا في معصية فقد عبده .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=44إن الشيطان كان للرحمن عصيا ( كان ) صلة زائدة ، وقيل : بمعنى صار . وقيل بمعنى الحال أي هو للرحمن . وعصيا وعاص بمعنى واحد قاله
الكسائي .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=45يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن أي إن مت على ما أنت عليه . ويكون أخاف بمعنى أعلم . ويجوز أن يكون أخاف على بابها فيكون المعنى : إني أخاف أن تموت على كفرك فيمسك العذاب .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=45فتكون للشيطان وليا أي قرينا في النار .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم أي أترغب عنها إلى غيرها .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46لئن لم تنته لأرجمنك قال
الحسن : يعني بالحجارة .
الضحاك : بالقول ؛ أي لأشتمنك .
ابن عباس : لأضربنك . وقيل : لأظهرن أمرك .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46لأرجمنك واهجرني قال
ابن عباس : أي اعتزلني سالم العرض لا يصيبك مني معرة ؛ واختاره
الطبري ، فقوله : مليا على هذا حال من
إبراهيم . وقال
الحسن ومجاهد : مليا دهرا طويلا ؛ ومنه قول
المهلهل :
فتصدعت صم الجبال لموته وبكت عليه المرملات مليا
[ ص: 37 ] قال
الكسائي : يقال هجرته مليا وملوة وملوة وملاوة وملاوة ، فهو على هذا القول ظرف ، وهو بمعنى الملاوة من الزمان ، وهو الطويل منه .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47قال سلام عليك لم يعارضه
إبراهيم - عليه السلام - بسوء الرد ؛ لأنه لم يؤمر بقتاله على كفره . والجمهور على أن المراد بسلامه المسالمة التي هي المتاركة لا التحية ؛ قال
الطبري : معناه أمنة مني لك . وعلى هذا لا يبدأ الكافر بالسلام . وقال
النقاش : حليم خاطب سفيها ؛ كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما . وقال بعضهم في معنى تسليمه : هو تحية مفارق ؛ وجوز تحية الكافر وأن يبدأ بها . قيل
nindex.php?page=showalam&ids=16008لابن عيينة : هل يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=18143السلام على الكافر ؟ قال : نعم ؛ قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين . وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=4قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم الآية ؛ وقال
إبراهيم لأبيه
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47سلام عليك .
قلت : الأظهر من الآية ما قاله
سفيان بن عيينة ؛ وفي الباب حديثان صحيحان : روى
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832051nindex.php?page=treesubj&link=18143_32643لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروه إلى أضيقه خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم . وفي الصحيحين عن
أسامة بن زيد nindex.php?page=hadith&LINKID=832052أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ركب حمارا عليه إكاف تحته قطيفة فدكية ، وأردف وراءه أسامة بن زيد ؛ وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج ، وذلك قبل وقعة بدر ، حتى مر في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود ، وفيهم عبد الله بن أبي ابن سلول ، وفي المجلس عبد الله بن رواحة ، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة ، خمر عبد الله بن أبي أنفه بردائه ، ثم قال : لا تغبروا علينا ، فسلم عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ الحديث .
فالأول يفيد ترك السلام عليهم ابتداء ؛ لأن ذلك إكرام ، والكافر ليس أهله . والحديث الثاني
[ ص: 38 ] يجوز ذلك . قال
الطبري : ولا يعارض ما رواه
أسامة بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فإنه ليس في أحدهما خلاف للآخر وذلك أن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مخرجه العموم ، وخبر
أسامة يبين أن معناه الخصوص . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي : إذا كانت لك حاجة عند يهودي أو نصراني فابدأه بالسلام فبان بهذا أن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة لا تبدءوهم بالسلام إذا كان لغير سبب يدعوكم إلى أن تبدءوهم بالسلام ، من قضاء ذمام أو حاجة تعرض لكم قبلهم ، أو حق صحبة أو جوار أو سفر . قال
الطبري : وقد روي عن السلف أنهم كانوا يسلمون على
أهل الكتاب . وفعله
ابن مسعود بدهقان صحبه في طريقه ؛ قال
علقمة : فقلت له يا
أبا عبد الرحمن أليس يكره أن يبدءوا بالسلام ؟ ! قال : نعم ، ولكن حق الصحبة . وكان
أبو أسامة إذا انصرف إلى بيته لا يمر بمسلم ولا نصراني ولا صغير ولا كبير إلا سلم عليه ؛ قيل له في ذلك فقال : أمرنا أن نفشي السلام . وسئل
الأوزاعي عن
nindex.php?page=treesubj&link=18143مسلم مر بكافر فسلم عليه ، فقال : إن سلمت فقد سلم الصالحون قبلك ، وإن تركت فقد ترك الصالحون قبلك . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أنه قال : إذا مررت بمجلس فيه مسلمون وكفار فسلم عليهم .
قلت : وقد احتج أهل المقالة الأولى بأن السلام الذي معناه التحية إنما خص به هذه الأمة ؛ لحديث
أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
إن الله تعالى أعطى أمتي ثلاثا لم تعط أحدا قبلهم : السلام وهي تحية أهل الجنة الحديث ؛ ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14155الترمذي الحكيم ؛ وقد مضى في الفاتحة بسنده . وقد مضى الكلام في معنى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47سأستغفر لك ربي وارتفع السلام بالابتداء ؛ وجاز ذلك مع نكرته لأنه نكرة مخصصة فقرنت المعرفة . قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47إنه كان بي حفيا الحفي المبالغ في البر والإلطاف ؛ يقال : حفي به وتحفى إذا بره . وقال
الكسائي يقال : حفي بي حفاوة وحفوة . وقال
الفراء :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47إنه كان بي حفيا أي عالما لطيفا يجيبني إذا دعوته . قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=48وأعتزلكم العزلة المفارقة وقد تقدم في ( الكهف ) بيانها . قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=48عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا قيل : أراد بهذا الدعاء أن يهب الله تعالى له أهلا وولدا يتقوى بهم ، حتى لا يستوحش بالاعتزال عن قومه . ولهذا قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=49فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب أي آنسنا وحشته بولد ؛ عن
ابن عباس وغيره . وقيل : عسى يدل على أن العبد لا يقطع بأنه يبقى على المعرفة أم لا في المستقبل . وقيل : دعا لأبيه بالهداية . ف " عسى " شك لأنه كان لا يدري هل يستجاب له فيه أم لا ؟ والأول أظهر .
وقوله :
[ ص: 39 ] nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=50وجعلنا لهم لسان صدق عليا أي أثنينا عليهم ثناء حسنا ؛ لأن جميع الملل تحسن الثناء عليهم . واللسان يذكر ويؤنث ؛ وقد تقدم .