سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا
سبحانه فإنه صريح في أن المراد بيان أنه يلزم مما يقولونه محذور عظيم من حيث لا يحتسبون، وأما ابتغاء السبيل إليه تعالى بالتقرب فليس مما يختص بهذا التقرير، ولا هو مما يلزمهم من حيث لا يشعرون بل هو أمر يعتقدونه رأسا، أي: تنزه بذاته تنزها حقيقا به. وتعالى متباعدا عما يقولون من العظيمة التي هي أن يكون معه آلهة، وأن يكون له بنات. علوا تعاليا، كقوله تعالى: والله أنبتكم من الأرض نباتا كبيرا لا غاية وراءه كيف لا؟ وإنه سبحانه في أقصى غايات الوجود، وهو الوجوب الذاتي وما يقولونه من أن له تعالى شركاء وأولادا في أبعد مراتب العدم، أعني الامتناع لا لأنه تعالى في أعلى مراتب الوجود، وهو كونه واجب الوجود لذاته، واتخاذ الولد من أدنى مراتبه، فإنه من خواص ما يمتنع بقاؤه، كما قيل. فإن ما يقولونه ليس مجرد اتخاذ الولد بل اتخاذه تعالى له، وأن يكون معه آلهة، ولا ريب في أن ذلك ليس بداخل في حد الإمكان فضلا عن دخوله تحت الوجود، وكونه من أدنى مراتب الوجود، إنما هو بالنسبة إلى من شأنه ذلك.