وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون
وعلى الذين هادوا خاصة دون غيرهم من الأولين والآخرين حرمنا ما قصصنا عليك أي: بقوله تعالى: حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما ... الآية. من قبل متعلق بقصصنا أو بحرمنا، وهو تحقيق لما سلف من حصر المحرمات فيما فصل بإبطال ما يخالفه من فرية اليهود ، وتكذيبهم في ذلك، فإنهم كانوا يقولون لسنا أول من حرمت عليه، وإنما كانت محرمة على نوح، وإبراهيم، ومن بعدهما، حتى انتهى الأمر إلينا. وما ظلمناهم بذلك التحريم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون حيث فعلوا ما عوقبوا به عليه، حسبما نعى عليهم قوله تعالى: فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ... الآية. ولقد ألقمهم الحجر قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين روي أنه صلى الله عليه وسلم لما قال لهم ذلك بهتوا، ولم يجسروا أن يخرجوا التوراة، كيف وقد بين فيها أن تحريم ما حرم عليهم من الطيبات لظلمهم، وبغيهم عقوبة وتشديدا أوضح بيان، وفيه تنبيه على الفرق بينهم وبين غيرهم في التحريم؟!