وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون
وقوله تعالى : وإن تدعوهم إلى الهدى بيان لعجزهم عما هو أدنى من النصر المنفي عنهم وأيسر ، وهو مجرد الدلالة على المطلوب ، والإرشاد إلى طريق حصوله من غير أن يحصله الطالب ، والخطاب للمشركين بطريق الالتفات المنبئ عن مزيد الاعتناء بأمر التوبيخ والتبكيت ; أي : إن تدعوهم أيها المشركون إلى أن يهدوكم إلى ما تحصلون به المطالب ، أو تنجون به عن المكاره .
لا يتبعوكم إلى مرادكم وطلبتكم ، وقرئ بالتخفيف .
وقوله تعالى : سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون استئناف مقرر لمضمون ما قبله ومبين لكيفية عدم الاتباع ; أي : مستو عليكم في عدم الإفادة دعاؤكم لهم وسكوتكم البحت ، فإنه لا يتغير حالكم في الحالين كما لا يتغير حالهم بحكم الجمادية .
وقوله تعالى : أم أنتم صامتون جملة اسمية في معنى الفعلية معطوفة على الفعلية ; لأنها في قوة أم صمتم ، عدل عنها للمبالغة في عدم إفادة الدعاء ، [ ص: 306 ] ببيان مساواته للسكوت الدائم المستمر .
وما قيل من أن الخطاب للمسلمين ، والمعنى : وإن تدعوا المشركين إلى الهدى ; أي : الإسلام ، لا يتبعوكم ... إلخ ، مما لا يساعده سباق النظم الكريم ، وسياقه أصلا على أنه لو كان كذلك لقيل : " عليهم " مكان " عليكم " ، كما في قوله تعالى : سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم ; فإن استواء الدعاء وعدمه إنما هو بالنسبة إلى المشركين لا بالنسبة إلى الداعين ، فإنهم فائزون بفضل الدعوة .