وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون
وقوله عز وجل : وجاوزنا ببني إسرائيل البحر شروع في قصة بني إسرائيل ، وشرح ما أحدثوه من الأمور الشنيعة بعد أن أنقذهم الله عز وجل من ملكة فرعون ، ومن عليهم من النعم العظام الموجبة للشكر ، وأراهم من الآيات الكبار ما تخر له شم الجبال ، تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإيقاظا للمؤمنين حتى لا يغفلوا عن محاسبة أنفسهم ومراقبة أحوالهم .
وجاوز بمعنى جاز ، وقرئ : ( جوزنا ) بالتشديد ، وهو أيضا بمعنى جاز ، فعدي بالباء ; أي : قطعنا بهم البحر . روي أنه عبر بهم موسى عليه السلام يوم عاشوراء بعد ما أهلك الله تعالى فرعون ، فصاموه شكرا لله عز وجل .
فأتوا ; أي : مروا .
على قوم قيل : كانوا من لخم ، وقيل : من العمالقة الكنعانيين الذين أمر موسى عليه السلام بقتالهم .
يعكفون على أصنام لهم ; أي : يواظبون على عبادتها ويلازمونها ، وقرئ بكسر الكاف . قال : كانت أصنامهم تماثيل بقر ، وهو أول شأن العجل . ابن جريج
قالوا عند ما شاهدوا أحوالهم .
يا موسى اجعل لنا إلها مثالا نعبده .
كما لهم آلهة الكاف متعلقة بمحذوف وقع صفة لإلها ، وما موصولة ، ولهم صلتها ، وآلهة بدل من ما ، والتقدير : اجعل لنا إلها كائنا كالذي استقر هو لهم .
قال إنكم قوم تجهلون تعجب عليه السلام من قولهم هذا إثر ما شاهدوا من الآية الكبرى والمعجزة العظمى ، فوصفهم بالجهل المطلق ; إذ لا جهل أعظم مما ظهر منهم .