قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين
قل من كان عدوا لجبريل نزل في عبد الله بن صوريا، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن ينزل عليه بالوحي؟ [ ص: 96 ] فقال: جبريل، فقال: ذاك عدونا عادانا مرارا، وأشدها أنه أنزل على نبينا أن بيت المقدس سيخربه بختنصر، فبعثنا من يقتله فرآه ببابل فدفع عنه جبريل. وقال: إن كان ربكم أمره بهلاككم فلا يسلطكم عليه وإلا فيم تقتلونه؟.
وقيل: دخل رضي الله تعالى عنه مدارس اليهود يوما، فسألهم عن عمر جبريل فقالوا: ذاك عدونا يطلع محمدا على أسرارنا وإنه صاحب كل خسف وعذاب، وميكائيل صاحب الخصب والسلام، فقال: وما منزلتهما من الله؟ قالوا: جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره وبينهما عداوة، فقال: لئن كانا كما تقولون فليسا بعدوين ولأنتم أكفر من الحمير، ومن كان عدو أحدهما فهو عدو الله. ثم رجع فوجد عمر جبريل قد سبقه بالوحي فقال عليه الصلاة والسلام: « لقد وافقك ربك يا عمر » . وفي جبريل ثمان لغات قرئ بهن أربع في: المشهور « جبرئيل » كسلسبيل قراءة حمزة و « والكسائي، جبريل » بكسر الراء وحذف الهمزة قراءة و « ابن كثير، جبرئل » كجحمرش قراءة برواية عاصم و « أبي بكر، جبريل » كقنديل قراءة الباقين. وأربع في الشواذ: جبرائل و « جبرائيل » كجبراعيل، و « جبريل » وجبرين ومنع صرفه للعجمة، والتعريف، ومعناه عبد الله. فإنه نزله البارز الأول لجبريل، والثاني للقرآن، وإضماره غير مذكور يدل على فخامة شأنه كأنه لتعينه وفرط شهرته لم يحتج إلى سبق ذكره. على قلبك فإنه القابل الأول للوحي، ومحل الفهم والحفظ، وكان حقه على قلبي لكنه جاء على حكاية كلام الله تعالى كأنه قال: قل ما تكلمت به. بإذن الله بأمره أو تيسيره حال من فاعله نزله. مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين أحوال من مفعوله، والظاهر أن جواب الشرط فإنه نزله ، والمعنى من عادى منهم جبريل فقد خلع ربقة الإنصاف، أو كفر بما معه من الكتاب بمعاداته إياه لنزوله عليك بالوحي، لأنه نزول كتاب مصدق للكتب المتقدمة، فحذف الجواب وأقيم علته مقامه، أو من عاداه فالسبب في عداوته أنه نزله عليك. وقيل محذوف مثل: فليمت غيظا، أو فهو عدو لي وأنا عدو له.
كما قال: