قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة خاصة بكم كما قلتم: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا ونصبها على الحال من الدار. من دون الناس سائرهم، واللام للجنس، أو المسلمين واللام للعهد فتمنوا الموت إن كنتم صادقين لأن من أيقن أنه من أهل الجنة اشتاقها، وأحب التخلص إليها من الدار ذات الشوائب، كما قال رضي الله تعالى عنه: (لا أبالي سقطت على الموت، أو سقط الموت علي) . علي
وقال رضي الله تعالى عنه عمار بصفين:
(الآن ألاقي الأحبة محمدا وحزبه)
. وقال رضي الله عنه حين احتضر: (جاء حبيب على فاقة لا أفلح من ندم) أي: على التمني، سيما إذا علم أنها سالمة له لا يشاركه فيها غيره. حذيفةولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم من موجبات النار، كالكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، والقرآن، وتحريف التوراة. ولما كانت اليد العاملة مختصة بالإنسان، آلة لقدرته بها عامة صنائعه ومنها أكثر منافعه، عبر بها عن النفس تارة والقدرة أخرى، وهذه الجملة إخبار بالغيب وكان كما أخبر، لأنهم لو تمنوا لنقل واشتهر، فإن التمني ليس من عمل القلب ليخفى، بل هو أن يقول: ليت لي كذا، ولو كان بالقلب لقالوا: تمنينا. وعن النبي صلى الله عليه وسلم « لو تمنوا الموت لغص كل إنسان بريقه فمات مكانه، وما بقي على وجه الأرض يهودي »
والله عليم بالظالمين تهديد لهم وتنبيه على أنهم ظالمون في دعوى ما ليس لهم، ونفيه عمن هو لهم.