ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين
ليس عليكم جناح أن تبتغوا أي في أن تبتغوا أي تطلبوا. فضلا من ربكم عطاء ورزقا منه، يريد الربح بالتجارة، وقيل: كان عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقهم في الجاهلية يقيمونها مواسم الحج، وكانت معايشهم منها، فلما جاء الإسلام تأثموا منه فنزلت. فإذا أفضتم من عرفات دفعتم منها بكثرة، من أفضت الماء إذا صببته بكثرة. وأصله أفضتم أنفسكم فحذف المفعول كما حذف في دفعت من البصرة. و عرفات جمع سمي به كأذرعات، وإنما نون وكسر وفيه العلمية والتأنيث لأن تنوين الجمع تنوين المقابلة لا تنوين التمكين ولذلك يجمع مع اللام، وذهاب الكسرة تبع ذهاب التنوين من غير عوض لعدم الصرف، وهنا ليس كذلك. أو لأن التأنيث إما أن يكون بالتاء المذكورة وهي ليست تاء تأنيث. وإنما هي مع الألف التي قبلها علامة جمع المؤنث، أو بتاء مقدرة كما في سعاد ولا يصح تقديرها لأن المذكورة تمنعه من حيث إنها كالبدل لها لاختصاصها بالمؤنث كتاء بنت، وإنما سمي الموقف عرفة لأنه نعت لإبراهيم عليه الصلاة والسلام، فلما أبصره عرفه أو لأن جبريل عليه السلام كان يدور به في المشاعر فلما أراه إياه قال قد عرفت، أو لأن آدم وحواء التقيا فيه فتعارفا. أو لأن الناس يتعارفون فيه. وعرفات للمبالغة في ذلك وهي من الأسماء المرتجلة إلا أن يجعل جمع عارف، وفيه دليل على وجوب الوقوف بها لأن الإفاضة لا تكون إلا بعده وهي مأمور بها بقوله تعالى: ثم أفيضوا أو مقدمة للذكر المأمور به وفيه نظر إذ غير واجب بل مستحب. وعلى تقدير أنه واجب فهو واجب مقيد لا واجب مطلق حتى تجب مقدمته والأمر به غير مطلق. فاذكروا الله بالتلبية والتهليل والدعاء. وقيل: بصلاة العشاءين. الذكر عند المشعر الحرام جبل يقف عليه الإمام ويسمى « قزح » . وقيل: ما بين مأزمي عرفة ووادي محسر، ويؤيد الأول ما روى جابر: بالمزدلفة بغلس - ركب ناقته حتى أتى المشعر الحرام فدعا وكبر وهلل، ولم يزل واقفا حتى أسفر وإنما سمي مشعرا لأنه معلم العبادة، ووصف بالحرام لحرمته: ومعنى عند أنه عليه الصلاة والسلام لما صلى الفجر - يعني المشعر الحرام: مما يليه ويقرب منه فإنه أفضل، وإلا فالمزدلفة كلها موقف إلا وادي محسر. واذكروه كما هداكم كما علمكم، أو اذكروه ذكرا حسنا كما هداكم هداية حسنة إلى المناسك وغيرها. وما مصدرية أو كافة. وإن كنتم من قبله أي الهدى. لمن الضالين أي الجاهلين بالإيمان والطاعة، وإن هي المخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة. وقيل: إن نافية واللام بمعنى إلا، كقوله تعالى: وإن نظنك لمن الكاذبين .