وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب
وأتموا الحج والعمرة لله أي ائتوا بهما تامين مستجمعي المناسك لوجه الله تعالى، وهو على هذا يدل على ويؤيده قراءة من قرأ « وأقيموا الحج والعمرة لله » ، وما روى وجوبهما رضي الله تعالى عنه « جابر » أنه قيل يا رسول الله العمرة واجبة مثل الحج، فقال: لا ولكن إن تعتمر خير لك
فمعارض بما روي « لعمر رضي الله تعالى عنه، إني وجدت الحج والعمرة مكتوبين علي أهللت بهما جميعا، فقال: هديت لسنة نبيك » ولا يقال إنه فسر وجد أنهما مكتوبين بقوله أهللت بهما فجاز أن يكون الوجوب بسبب إهلاله بهما، لأنه رتب الإهلال على الوجدان وذلك يدل على أنه سبب الإهلال دون العكس. وقيل إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك، أو أن تفرد لكل منهما سفرا، أو أن تجرده لهما لا تشوبهما بغرض دنيوي، أو أن تكون النفقة حلالا. أن رجلا قال فإن أحصرتم منعتم، يقال حصره العدو وأحصره إذا حبسه ومنعه عن المضي، مثل صده وأصده، والمراد حصر العدو عند مالك رحمها الله تعالى لقوله تعالى: والشافعي فإذا أمنتم ولنزوله في الحديبية، ولقول رضي الله تعالى عنهما: لا حصر إلا حصر العدو وكل منع من عدو أو مرض أو غيرهما عند ابن عباس رحمه الله تعالى، لما روي عنه عليه الصلاة والسلام « أبي حنيفة من كسر أو عرج فقد حل فعليه الحج من قابل »
وهو ضعيف مؤول بما إذا شرط الإحلال به لقوله عليه الصلاة والسلام لضباعة بنت الزبير « » حجي واشترطي وقولي: اللهم محلي حيث حبستني
فما استيسر من الهدي فعليكم ما استيسر، أو فالواجب ما استيسر. أو فاهدوا ما استيسر. والمعنى إن تحلل بذبح هدي تيسر عليه من بدنة أو بقرة أو شاة حيث أحصر عند الأكثر. لأنه عليه الصلاة والسلام ذبح عام أحصر المحرم وأراد أن يتحلل الحديبية بها وهي من الحل، وعند رحمه الله تعالى يبعث به، ويجعل للمبعوث على يده يوم أمار فإذا جاء اليوم وظن أنه ذبح تحلل لقوله تعالى: أبي حنيفة ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله أي لا تحلوا حتى تعلموا أن الهدي المبعوث إلى الحرم بلغ محله أي مكانه الذي يجب أن ينحر فيه، وحمل الأولون بلوغ الهدي محله على ذبحه حيث يحل الذبح فيه حلا كان أو حرما، واقتصاره على الهدي دليل على وقال عدم القضاء. رحمه الله تعالى: يجب القضاء، والمحل. بالكسر. يطلق على المكان والزمان. والهدي: جمع هدية كجدي وجدية، وقرئ من « الهدي » جمع هدية كمطي في مطية أبو حنيفة فمن كان منكم مريضا مرضا يحوجه إلى الحلق.
أو به أذى من رأسه كجراحة وقمل. ففدية فعليه فدية إن حلق. من صيام أو صدقة أو نسك بيان لجنس الفدية، وأما قدرها فقد روي « لعلك آذاك هوامك، قال: [ ص: 130 ] نعم يا رسول الله قال: احلق وصم ثلاثة أيام أو تصدق بفرق على ستة مساكين أو انسك شاة لكعب بن عجرة » أنه عليه الصلاة والسلام قال
والفرق ثلاثة آصع فإذا أمنتم الإحصار. أو كنتم في حال سعة وأمن. فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فمن في أشهره. وقيل: فمن استمتع بعد التحلل من عمرته باستباحة محظورات الإحرام إلى أن يحرم بالحج. استمتع وانتفع بالتقرب إلى الله بالعمرة قبل الانتفاع بتقربه بالحج فما استيسر من الهدي فعليه دم استيسره بسبب التمتع، فهو دم جبر أن يذبحه إذا أحرم بالحج وقال ولا يأكل منه. رحمه الله تعالى، إنه دم نسك فهو كالأضحية أبو حنيفة فمن لم يجد أي الهدي. فصيام ثلاثة أيام في الحج في أيام الاشتغال به بعد الإحرام وقبل التحلل. قال رحمه الله أبو حنيفة والأحب أن يصوم سابع ذي الحجة وثامنه وتاسعه. ولا يجوز في أشهره بين الإحرامين، عند الأكثرين. صوم يوم النحر وأيام التشريق وسبعة إذا رجعتم إلى أهليكم وهو أحد قولي رضي الله تعالى عنه، أو نفرتم وفرغتم من أعماله وهو قوله الثاني ومذهب الشافعي رحمه الله تعالى. وقرئ « سبعة » بالنصب عطفا على محل أبي حنيفة ثلاثة أيام . تلك عشرة فذلكة الحساب، وفائدتها أن لا يتوهم متوهم أن الواو بمعنى أو، كقولك جالس الحسن وأن يعلم العدد جملة كما علم تفصيلا فإن أكثر وابن سيرين. العرب لم يحسنوا الحساب، وأن المراد بالسبعة هو العدد دون الكثرة فإنه يطلق لهما كاملة صفة مؤكدة تفيد المبالغة في محافظة العدد، أو مبينة كمال العشرة فإنه أول عدد كامل إذ به تنتهي الآحاد وتتم مراتبها، أو مقيدة تقيد كمال بدليتها من الهدي. ذلك إشارة إلى الحكم المذكور عندنا. والتمتع عند رحمه الله تعالى لأنه أبي حنيفة المسجد الحرام عنده، لا متعة ولا قران لحاضري فعليه دم جناية. فمن فعل ذلك أي التمتع منهم لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام وهو من كان من الحرم على مسافة القصر عندنا، فإن من كان على أقل فهو مقيم في الحرم، أو في حكمه. ومن مسكنه وراء الميقات عنده وأهل الحل عند وغير المكي عند طاوس مالك. واتقوا الله في المحافظة على أوامره ونواهيه وخصوصا في الحج واعلموا أن الله شديد العقاب لمن لم يتقه كي يصدكم العلم به عن العصيان.