ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون
ولكم في القصاص حياة كلام في غاية الفصاحة والبلاغة من حيث جعل الشيء محل ضده، وعرف القصاص ونكر الحياة، ليدل على أن في هذا الجنس من الحكم نوعا من الحياة عظيما، وذلك لأن العلم به يردع القاتل عن القتل، فيكون سبب حياة نفسين. ولأنهم كانوا يقتلون غير القاتل، والجماعة بالواحد، فتثور الفتنة بينهم. فإذا اقتص من القاتل سلم الباقون فيكون ذلك سببا لحياتهم. وعلى الأول فيه إضمار وعلى الثاني تخصيص. وقيل: المراد بها الحياة الأخروية، فإن القاتل إذا اقتص منه في الدنيا لم يؤاخذ به في الآخرة. ولكم في القصاص يحتمل أن يكونا خبرين لحياة وأن يكون أحدهما خبرا والآخر صلة له، أو حالا من الضمير المستكن فيه. وقرئ في « القصص » أي فيما قص عليكم من حكم القتل حياة، أو في القرآن حياة للقلوب. يا أولي الألباب ذوي العقول الكاملة. ناداهم للتأمل في حكمة القصاص من استبقاء الأرواح وحفظ النفوس. لعلكم تتقون في المحافظة على القصاص والحكم به والإذعان له، أو عن القصاص فتكفوا عن القتل.