[ ص: 632 ] قوله تعالى : واسألهم عن القرية الآيات .
أخرج ، ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن وأبو الشيخ قال : دخلت على عكرمة وهو يقرأ هذه الآية : ابن عباس واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر قال : يا هل تدري أي قرية هذه ؟ قلت : لا ، قال : هي عكرمة أيلة .
وأخرج ، عن ابن أبي حاتم : ابن شهاب واسألهم عن القرية هي طبرية .
وأخرج ، عن ابن أبي حاتم : ابن زيد واسألهم عن القرية قال : هي قرية يقال لها : مقنا . بين مدين وعينونا .
وأخرج ، عن عبد بن حميد : سعيد بن جبير واسألهم عن القرية قال : هي أيلة . [ ص: 633 ] وأخرج ، عن أبو الشيخ في قوله : ابن عباس إذ يعدون في السبت قال : يظلمون .
وأخرج ، عن ابن جرير في قوله : ابن عباس شرعا يقول : من كل مكان .
وأخرج ، عن ابن جرير في قوله : ابن عباس شرعا قال : ظاهرة على الماء .
وأخرج ، عن ابن المنذر في قوله : ابن عباس شرعا قال : واردة .
وأخرج ، ابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم في قوله : ابن عباس واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر قال : هي قرية على شاطئ البحر بين مصر والمدينة يقال لها أيلة . فحرم الله عليهم الحيتان يوم سبتهم ، فكانت تأتيهم يوم سبتهم شرعا في ساحل البحر ، فإذا مضى يوم السبت لم يقدروا عليها ، فمكثوا كذلك ما شاء الله ، ثم إن طائفة منهم أخذوا الحيتان يوم سبتهم فنهتهم طائفة فلم يزدادوا إلا غيا ، فقالت طائفة من النهاة : تعلمون أن هؤلاء قوم قد حق عليهم العذاب ، لم تعظون قوما الله مهلكهم ؟ وكانوا أشد غضبا من الطائفة الأخرى ، وكل قد كانوا ينهون ، فلما وقع عليهم غضب الله نجت الطائفتان اللتان قالوا : لم تعظون قوما ، والذين قالوا : معذرة إلى ربكم ، وأهلك الله أهل معصيته الذين أخذوا الحيتان فجعلهم قردة . [ ص: 634 ] وأخرج ، ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن وأبو الشيخ في قوله : ابن عباس واسألهم عن القرية الآية ، قال : إن الله إنما افترض على بني إسرائيل اليوم الذي افترض عليكم ؛ يوم الجمعة ، فخالفوا إلى السبت فعظموه وتركوا ما أمروا به ، فلما ابتدعوا السبت ابتلوا فيه ، فحرمت عليهم الحيتان ، وهي قرية يقال لها : مدين ، بين أيلة والطور ، فكانوا إذا كان يوم السبت شرعت لهم الحيتان ينظرون إليها في البحر ، فإذا انقضى السبت ذهبت فلم تر حتى مثله من السبت المقبل ، فإذا جاء السبت عادت شرعا ، ثم إن رجلا منهم أخذ حوتا فحزمه بخيط ، ثم ضرب له وتدا في الساحل وربطه وتركه في الماء ، فلما كان الغد جاء فأخذه فأكله سرا ، ففعلوا ذلك وهم ينظرون ولا يتناهون إلا بقية منهم ، فنهوهم ، حتى إذا ظهر ذلك في الأسواق علانية ، قالت طائفة للذين ينهونهم : لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم في سخطنا أعمالهم ، ولعلهم يتقون فكانوا أثلاثا ؛ ثلثا نهى ، وثلثا قالوا : لم تعظون ، وثلثا أصحاب الخطيئة ، فما نجا إلا الذين نهوا ، وهلك سائرهم ، فأصبح الذين نهوا ذات غداة في مجالسهم يتفقدون الناس لا يرونهم ، وقد باتوا من ليلتهم وغلقوا عليهم دورهم ، فجعلوا يقولون : إن للناس لشأنا فانظروا ما شأنهم . فاطلعوا في دورهم فإذا القوم قد مسخوا ، يعرفون الرجل بعينه وإنه لقرد ، والمرأة بعينها وإنها لقردة .
وأخرج ، عبد الرزاق ، وابن جرير وابن أبي حاتم في "سننه" ، عن والبيهقي قال : جئت عكرمة يوما وهو يبكي ، وإذا المصحف في حجره ، [ ص: 635 ] فقلت : ما يبكيك يا ابن عباس ؟ فقال : هؤلاء الورقات ، وإذا هو في سورة الأعراف . قال : تعرف ابن عباس أيلة ؟ قلت : نعم ، قال : فإنه كان بها حي من يهود سيقت الحيتان إليهم يوم السبت ، ثم غاصت ، لا يقدرون عليها حتى يغوصوا عليها بعد كد ومؤنة شديدة ، وكانت تأتيهم يوم السبت شرعا بيضا سمانا كأنها الماخض ، فكانوا كذلك برهة من الدهر ، ثم إن الشيطان أوحى إليهم فقال : إنما نهيتم عن أكلها يوم السبت فخذوها فيه ، وكلوها في غيره من الأيام ، فقالت ذلك طائفة منهم ، وقالت طائفة : بل نهيتم عن أكلها وأخذها وصيدها في يوم السبت . فغدت طائفة بأنفسها وأبنائها ونسائها ، واعتزلت طائفة ذات اليمين وتنحت ، واعتزلت طائفة ذات اليسار وسكتت ، فقال الأيمنون : ويلكم ، لا تتعرضوا لعقوبة الله . وقال الأيسرون : لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قال الأيمنون : معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون إن ينتهوا فهو أحب إلينا ألا يصابوا ولا يهلكوا ، وإن لم ينتهوا فمعذرة إلى ربكم ، فمضوا على الخطيئة ، وقال الأيمنون : قد فعلتم يا أعداء الله ، والله لنبايننكم الليلة في مدينتكم ، والله ما أراكم تصبحون حتى يصبحكم الله بخسف أو قذف أو بعض ما عنده من العذاب . فلما أصبحوا ضربوا عليهم الباب ، ونادوا فلم يجابوا ، فوضعوا سلما وأعلوا سور المدينة رجلا ، [177و] فالتفت إليهم فقال : أي عباد الله ، قردة - والله - تعاوى ، لها أذناب ، ففتحوا فدخلوا عليهم ، فعرفت القردة أنسابها من الإنس ، ولا تعرف الإنس أنسابها من [ ص: 636 ] القردة ، فجعلت القردة تأتي نسيبها من الإنس فتشم ثيابه وتبكي ، فيقول : ألم ننهكم ؟ فتقول برأسها : أي نعم ، ثم قرأ : ابن عباس فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس قال : أليم وجيع ، قال : فأرى الذين نهوا قد نجوا ، ولا أرى الآخرين ذكروا ، ونحن نرى أشياء ننكرها ولا نقول فيها ، قلت : إي ، جعلني الله فداك ، ألا ترى أنهم قد كرهوا ما هم عليه وخالفوهم وقالوا : لم تعظون قوما الله مهلكهم قال : فأمر بي فكسيت ثوبين غليظين .
وأخرج ، عن عبد بن حميد قال : كانت قرية على ساحل البحر يقال لها : عكرمة أيلة ، وكان على ساحل البحر صنمان من حجارة مستقبلان الماء ، يقال لأحدهما : لقيم ، والآخر : لقمانة ، فأوحى الله إلى السمك أن حج يوم السبت إلى الصنمين ، وأوحى إلى أهل القرية : إني قد أمرت السمك أن يحجوا إلى الصنمين يوم السبت ، فلا تعرضوا للسمك يوم لا يمتنع منكم ، فإذا ذهب السبت فشأنكم به فصيدوه ، فكان إذا طلع الفجر يوم السبت أقبل السمك شرعا إلى الصنمين ، لا يمتنع من آخذ يأخذه ، فظهر يوم السبت شيء من السمك في القرية فقالوا : نأخذه يوم السبت فنأكله يوم الأحد ، فلما كان يوم السبت الآخر ظهر أكثر من ذلك ، فلما كان السبت الآخر ظهر السمك في [ ص: 637 ] القرية ، فقام إليهم قوم منهم فوعظوهم فقالوا : اتقوا الله ، فقام آخرون فقالوا : لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون فلما كان سبت من تلك الأسبات فشى السمك في القرية ، فقام الذين نهوا عن السوء فقالوا : لا نبيت معكم الليلة في هذه القرية ، فقيل لهم : لو أصبحتم فانقلبتم بذراريكم ونسائكم ؟! قالوا : لا نبيت معكم الليلة في هذه القرية ، فإن أصبحنا غدونا فأخرجنا ذرارينا وأمتعتنا من بين ظهرانيكم ، وكان القوم شاتين ، فلما أمسوا أغلقوا أبوابهم ، فلما أصبحوا لم يسمع القوم لهم صوتا ، ولم يروا سرحا خرج من القرية ، قالوا : قد أصاب أهل القرية شر ، فبعثوا رجلا منهم ينظر إليهم ، فلما أتى القرية إذا الأبواب مغلقة عليهم ، فاطلع في دار فإذا هم قرود كلهم ؛ المرأة أنثى والرجل ذكر ، ثم اطلع في دار أخرى فإذا هم كذلك ؛ الصغير صغير والكبير كبير ، ورجع إلى القوم فقال : يا قوم ، نزل بأهل القرية ما كنتم تحذرون ، أصبحوا قردة كلهم ، لا يستطيعون أن يفتحوا الأبواب ، فدخلوا عليهم فإذا هم قردة كلهم ، فجعل الرجل يومئ إلى القرد منهم : أنت فلان ؟ فيومئ برأسه : نعم ، وهم يبكون ، فقالوا : أبعدكم الله ، قد حذرناكم هذا . ففتحوا لهم الأبواب فخرجوا فلحقوا بالبرية .
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن وأبو الشيخ قال : نجا الناهون وهلك الفاعلون ، ولا أدري ما صنع [ ص: 638 ] بالساكتين . ابن عباس
وأخرج عبد بن حميد ، عن وأبو الشيخ قال : والله لأن أكون علمت أن القوم الذين قالوا ابن عباس لم تعظون قوما نجوا مع الذين نهوا عن السوء -أحب إلي ما عدل به - وفي لفظ : من حمر النعم ، ولكني أخاف أن تكون العقوبة نزلت بهم جميعا .
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن وابن المنذر قال : قال عكرمة : ما أدري أنجا الذين قالوا : ( لم تعظون قوما ) أم لا . قال : فما زلت أبصره حتى عرف أنهم قد نجوا ، فكساني حلة . ابن عباس
وأخرج ، عن عبد بن حميد قال : مسخوا حجارة ؛ الذين قالوا : ليث بن أبي سليم لم تعظون قوما الله مهلكهم .
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن وأبو الشيخ في قوله : الحسن واسألهم عن القرية الآية . قال : كان حوتا حرمه الله عليهم في يوم وأحله لهم فيما سوى ذلك ، فكان يأتيهم في اليوم الذي حرمه الله عليهم كأنه المخاض ما يمتنع من أحد ، فجعلوا يهمون ويمسكون - وقلما رأيت أحدا أكثر الاهتمام بالذنب إلا واقعه - فجعلوا يهمون ويمسكون حتى أخذوه ، فأكلوا بها - والله - أوخم أكلة أكلها قوم قط ، أبقاه خزيا في الدنيا وأشده عقوبة في الآخرة وايم الله للمؤمن أعظم حرمة [ ص: 639 ] عند الله من حوت ، ولكن الله عز وجل جعل موعد قوم الساعة ، والساعة أدهى وأمر .
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، عن وابن المنذر قال : أخذ ابن عباس موسى عليه السلام رجلا يحمل حطبا يوم السبت ، وكان موسى يسبت ، فصلبه .
وأخرج ، عن أبو الشيخ قال : احتطب رجل في السبت ، وكان ابن عباس داود عليه السلام يسبت ، فصلبه .
وأخرج ، عن عبد بن حميد قال : كان حفظي ، عن أبي بكر بن عياش عاصم بعذاب بئيس على معنى فيعل ، ثم دخلني منها شك ، فتركت روايتها ، عن وأخذتها ، عن عاصم الأعمش بعذاب بئيس على معنى فعيل .
وأخرج ، عن أبو الشيخ في قوله : ابن عباس بعذاب بئيس قال : لا رحمة فيه .
وأخرج ، عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، عن وابن جرير قتادة بعذاب بئيس قال : وجيع .
وأخرج ، عبد الرزاق ، عن وابن جرير في قوله : ابن عباس بعذاب بئيس . قال : أليم وجيع .
[ ص: 640 ] وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن وابن أبي حاتم في قوله : مجاهد بعذاب بئيس قال : أليم شديد .
وأخرج ، عن ابن أبي حاتم قال : نودي الذين اعتدوا في السبت ثلاثة أصوات ؛ نودوا : يا أهل القرية . فانتبهت طائفة ، ثم نودوا : يا أهل القرية، فانتبهت طائفة أكثر من الأولى ، ثم نودوا : يا أهل القرية ، فانتبه الرجال والنساء والصبيان ، فقال الله لهم : عطاء كونوا قردة خاسئين . فجعل الذين نهوهم يدخلون عليهم فيقولون : يا فلان ، ألم ننهكم ؟ فيقولون برؤوسهم ؛ أي بلى .
وأخرج ، عن عبد بن حميد ، سعيد بن جبير وماهان الحنفي ، قالا : لما مسخوا جعل الرجل يشبه الرجل وهو قرد فيقال : أنت فلان ؟ فيومئ إلى يديه ؛ بما كسبت يداي .
وأخرج ابن بطة ، عن رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة "لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود ؛ فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل" .
وأخرج ، عن أبو الشيخ قال : قالوا سفيان لعبد الله بن عبد العزيز العمري في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : تأمر من لا يقبل منك ؟ ! قال : يكون معذرة وقرأ : قالوا معذرة إلى ربكم .