قوله تعالى : وإن تظاهرا عليه
أخرج ، عبد الرزاق وابن سعد، ، وأحمد والعدني، ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن المنذر وابن حبان، ، عن وابن مردويه قال : ابن عباس عن المرأتين من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتين قال الله تعالى : عمر إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما حتى [ ص: 581 ] حج عمر وحججت معه، فلما كان ببعض الطريق عدل وعدلت معه بالإداوة، فتبرز ثم أتى، فصببت على يديه، فتوضأ، فقلت : يا أمير المؤمنين، من المرأتان من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتان قال الله : عمر إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما فقال : واعجبا لك يا هي ابن عباس! عائشة ثم أنشأ يحدثني الحديث، فقال : كنا معشر وحفصة، قريش نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، فغضبت على امرأتي يوما، فإذا هي تراجعني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت : ما تنكر من ذلك؟ فوالله إن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم – ليراجعنه، وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل، قلت : قد خابت من فعلت ذلك منهن وخسرت، قال : وكان منزلي بالعوالي، وكان لي جار من الأنصار، كنا نتناوب النزول إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينزل يوما فيأتيني بخبر الوحي وغيره، وأنزل يوما فآتيه بمثل ذلك، قال : وكنا نحدث أن غسان تنعل الخيل لتغزونا، فجاءني يوما عشاء، فضرب على الباب فخرجت إليه، فقال : حدث أمر عظيم، فقلت : أجاءت غسان؟ قال : أعظم من ذلك، طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم – نساءه، قلت في نفسي : قد خابت وخسرت، قد كنت أظن هذا كائنا، فلما صلينا الصبح شددت علي ثيابي، ثم [ ص: 582 ] انطلقت حتى دخلت على حفصة فإذا هي تبكي، فقلت : أطلقكن رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ قالت : لا أدري، هو ذا معتزل في المشربة . حفصة،
فانطلقت، فأتيت غلاما أسود، فقلت : استأذن فدخل ثم خرج إلي فقال : قد ذكرتك له فلم يقل شيئا، فانطلقت إلى المسجد، فإذا حول المنبر نفر يبكون، فجلست إليهم، ثم غلبني ما أجد، فأتيت الغلام فقلت : استأذن لعمر، فدخل ثم خرج فقال : قد ذكرتك له فلم يقل شيئا، فوليت منطلقا، فإذا الغلام يدعوني، فقال : ادخل فقد أذن لك، فدخلت فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - متكئ على حصير قد رأيت أثره في جنبه، فقلت : يا رسول الله، أطلقت نساءك؟ قال : «لا» قلت : الله أكبر، لو رأيتنا يا رسول الله، وكنا معشر لعمر، قريش نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، فغضبت يوما على امرأتي، فإذا هي تراجعني، فأنكرت ذلك، فقالت : ما تنكر؟! فوالله إن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم – ليراجعنه، وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل، فقلت أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت : نعم، وتهجره إحدانا اليوم إلى الليل، فقلت : قد خابت من فعلت ذلك منكن وخسرت، أتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هي قد هلكت؟ فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت لحفصة : لا تراجعي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، [ ص: 583 ] ولا تسأليه شيئا، وسليني ما بدا لك، ولا يغرنك أن كانت صاحبتك أوسم منك، وأحب إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فتبسم أخرى، فقلت : يا رسول الله، أستأنش؟ قال : «نعم» فرفعت رأسي فما رأيت في البيت إلا أهبة ثلاثة، فقلت : يا رسول الله، ادع الله أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله، فاستوى جالسا وقال : «أوفي شك أنت يا لحفصة : أولئك قوم قد عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا» وكان قد أقسم أن لا يدخل على نسائه شهرا، فعاتبه الله في ذلك، وجعل له كفارة اليمين . ابن الخطاب، لم أزل حريصا أن أسأل
وأخرج ، عن ابن مردويه قالت : عائشة آلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نسائه وحرم، فجعل الحرام حلالا، وجعل في اليمين كفارة .
وأخرج ، عن ابن مردويه قال : ابن مسعود آلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من نسائه وحرم، فأما الحرام فأحله الله، وأما الإيلاء فأمره بكفارة اليمين .
وأخرج ، عن عبد بن حميد أنه قرأ : عاصم وإن تظاهرا عليه [ ص: 584 ] خفيفة عسى ربه إن طلقكن أن يبدله خفيفة، مرفوعة الياء، سائحات خفيفة الألف .
وأخرج ، عبد بن حميد ، ومسلم ، عن وابن مردويه قال : حدثني ابن عباس قال : عمر بن الخطاب فقلت : يا بنت عائشة أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ قالت : ما لي وما لك يا أبي بكر فدخلت على ابن الخطاب؟ فقلت لها : يا حفصة، أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ والله لقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحبك، ولولا أنا لطلقك رسول الله، فبكت أشد البكاء، فقلت لها : أين رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ قالت : هو في خزانته في المشربة، فدخلت، فإذا أنا برباح غلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعدا على أسكفة المشربة، مدليا رجليه على نقير من خشب، وهو جذع يرقى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وينحدر، فناديت : يا حفصة رباح، استأذن لي عندك على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فنظر رباح إلى الغرفة ثم نظر إلي فلم يقل شيئا، [ ص: 585 ] فقلت : يا رباح، استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر رباح إلى الغرفة، ثم نظر إلي فلم يقل شيئا، ثم رفعت صوتي، فقلت : يا رباح، استأذن لي عندك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإني أظن أن رسول الله ظن أني جئت من أجل والله لئن أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضرب عنقها لأضربن عنقها، ورفعت صوتي، فأومأ إلي بيده أن ارقه، فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مضطجع على حصير، فجلست، فإذا عليه إزار وليس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثر في جنبه، ونظرت في خزانة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع، ومثلها من قرظ في ناحية الغرفة، وإذا أفيق معلق، فابتدرت عيناي فقال : «ما يبكيك يا حفصة، فقلت يا نبي الله : وما لي لا أبكي، وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى، وذاك ابن الخطاب» كسرى وقيصر في الثمار والأنهار، وأنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وصفوته، وهذه خزانتك؟ قال : «يا ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا» قلت : بلى، ودخلت عليه حين دخلت، وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلت : يا رسول الله، ما يشق عليك من شأن النساء؛ فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته ابن الخطاب، وجبريل وميكائيل، وأنا والمؤمنون معك، وقلما تكلمت - وأحمد الله - بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقوله، ونزلت هذه الآية : وأبو بكر عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن ، وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين [ ص: 586 ] والملائكة بعد ذلك ظهير وكانت عائشة بنت أبي بكر تظاهران على سائر نساء النبي - صلى الله عليه وسلم – فقلت : يا رسول الله، أطلقتهن؟ قال : «لا»، قلت : يا رسول الله، إني دخلت المسجد والمؤمنون ينكتون الحصى ويقولون : طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم – نساءه، أفأنزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن؟ قال : «نعم، إن شئت» ثم لم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه، وحتى كشر وضحك، وكان من أحسن الناس ثغرا، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزلت أتشبث بالجذع، ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده، فقلت : يا رسول الله، إنما كنت في الغرفة تسعا وعشرين؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إن الشهر قد يكون تسعا وعشرين» فقمت على باب المسجد، فناديت بأعلى صوتي : لم يطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه، قال : ونزلت هذه الآية : وحفصة وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم [النساء : 83] فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر، وأنزل الله آية التخيير . لما اعتزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم – نساءه دخلت المسجد، فإذا الناس ينكتون بالحصى، ويقولون : طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم – نساءه، وذلك قبل أن يؤمر بالحجاب، فقلت : لأعلمن ذلك اليوم، فدخلت على