قوله تعالى : ادعوهم لآبائهم الآية .
أخرج ، ابن أبي شيبة ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه في "سننه"، عن والبيهقي : ابن عمر مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنا ندعوه إلا زيد بن حارثة زيد بن محمد، حتى نزل القرآن : ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «أنت زيد بن حارثة بن شراحيل» . إن
وأخرج ، عبد الرزاق ، وابن المنذر ، وابن حبان ، والطبراني ، [ ص: 722 ] عن وابن مردويه ، عائشة أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وكان ممن شهد بدرا، تبنى وأنكحه بنت أخيه سالما، هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهو مولى لامرأة من الأنصار، كما تبنى النبي صلى الله عليه وسلم زيدا، وكان من تبنى رجلا في الجاهلية، دعاه الناس إليه وورثه من ميراثه، حتى أنزل الله في ذلك : ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم فردوا إلى آبائهم، فمن لم يعلم له أب كان مولى وأخا في الدين، فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن كان يدعى سالما لأبي حذيفة، وإن الله قد أنزل في كتابه : ادعوهم لآبائهم وكان يدخل علي وأنا فضل، ونحن في منزل ضيق . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «أرضعي تحرمي عليه» . سالما أن
وأخرج عن ابن مردويه قال : ابن عباس كان من أمر أنه كان في أخواله زيد بن حارثة، بني معن من بني ثعل من طيئ، فأصيب في غلمة من طيئ، فقدم به سوق عكاظ، وانطلق حكيم بن حزام بن خويلد إلى عكاظ يتسوق بها، فأوصته عمته أن يبتاع لها غلاما ظريفا عربيا إن قدر عليه، فلما قدم وجد خديجة زيدا [ ص: 723 ] يباع فيها، فأعجبه ظرفه، فابتاعه فقدم به عليها وقال لها : إني قد ابتعت لك غلاما ظريفا عربيا، فإن أعجبك فخذيه، وإلا فدعيه، فإنه قد أعجبني . فلما رأته أعجبها فأخذته، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عندها، فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم ظرفه فاستوهبه منها، فقالت : أهبه لك، فإن أردت عتقه فالولاء لي . فأبى عليها فوهبته له؛ إن شاء أعتق، وإن شاء أمسك . قال : فشب عند نبي الله صلى الله عليه وسلم . خديجة
ثم إنه خرج في إبل لأبي طالب إلى الشام، فمر بأرض قومه فعرفه عمه، فقام إليه فقال : من أنت يا غلام؟ قال : غلام من أهل مكة . قال : من أنفسهم؟ قال : لا، فحر أنت أم مملوك؟ قال : بل مملوك . قال : لمن؟ قال : لمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب . فقال له : أعربي أنت أم عجمي؟ قال : بل عربي . قال : ممن أهلك؟ قال : من كلب . قال : من أي كلب؟ قال : من بني عبد ود . قال : ويحك . ابن من أنت؟ قال : ابن حارثة بن شراحيل . قال : وأين أصبت؟ قال : في أخوالي . قال : ومن أخوالك؟ قال : طيئ . قال : ما اسم أمك؟ قال : سعدى . فالتزمه وقال : ابن حارثة! ودعا أباه وقال : يا حارثة هذا ابنك . فأتاه حارثة، فلما نظر إليه عرفه، قال : كيف صنع مولاك إليك؟ قال : يؤثرني على أهله وولده، ورزقت منه حبا، فلا أصنع إلا ما شئت .
فركب معه وأبوه وعمه وأخوه حتى قدموا مكة ، فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، [ ص: 724 ] فقال له حارثة : يا محمد، أنتم أهل حرم الله وجيرانه وعند بيته، تفكون العاني، وتطعمون الأسير، ابني عبدك، فامنن علينا، وأحسن إلينا في فدائه؛ فإنك ابن سيد قومه، فإنا سنترفع لك في الفداء ما أحببت . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أعطيكم خيرا من ذلك» . قالوا : وما هو؟ قال : «أخيره، فإن اختاركم فخذوه بغير فداء، وإن اختارني فكفوا عنه» . قالوا : جزاك الله خيرا، فقد أحسنت . فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «يا زيد، أتعرف هؤلاء؟» . قال : نعم . هذا أبي وعمي وأخي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «فأنا من قد عرفته، فإن اخترتهم فاذهب معهم، وإن اخترتني فأنا من تعلم» . فقال له زيد : ما أنا بمختار عليك أحدا أبدا، أنت معي بمكان الوالد والعم . قال له أبوه وعمه : يا زيد، أتختار العبودية على الربوبية؟ قال : ما أنا بمفارق هذا الرجل . فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حرصه عليه قال : «اشهدوا أنه حر، وأنه ابني يرثني وأرثه» . فطابت نفس أبيه وعمه، لما رأوا من كرامته عليه، فلم يزل زيد في الجاهلية يدعى : زيد بن محمد، حتى نزل القرآن : ادعوهم لآبائهم فدعي زيد بن حارثة .
وأخرج ، من طريق ابن عساكر عن يعقوب بن شيبة، الحسن بن عثمان قال : حدثني عدة من الفقهاء وأهل العلم قالوا : كان يقال له : عامر بن ربيعة عامر بن الخطاب . وإليه كان ينسب، فأنزل الله تعالى فيه وفي [ ص: 725 ] زيد بن حارثة وسالم مولى أبي حذيفة والمقداد بن عمرو : ادعوهم لآبائهم الآية .
وأخرج عن ابن جرير أنه قال : قال الله : أبي بكرة، ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم فأنا ممن لا يعرف أبوه، وأنا من إخوانكم في الدين .
وأخرج عن ابن جرير : قتادة ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله أعدل عند الله، فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم فإذا لم تعلم من أبوه، فإنما هو أخوك في الدين ومولاك .
وأخرج عن ابن المنذر في قوله : ابن جريج فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم قال : إن لم تعرف أباه فأخوك في الدين ومولاك؛ مولى فلان .
وأخرج عن ابن أبي حاتم في الآية يقول : إن لم تعلموا لهم أبا تدعوهم إليه، فانسبوهم إخوانكم في الدين، أن تقول : عبد الله، وعبد الرحمن، وعبيد الله، وأشباههم من الأسماء، وإن يدعى إلى اسم مولاه . مقاتل
وأخرج عن ابن أبي حاتم : مجاهد فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم يقول : أخوك في الدين ومولاك مولى بني فلان .
[ ص: 726 ] وأخرج عن ابن أبي حاتم قال : لما نزلت : سالم بن أبي الجعد ادعوهم لآبائهم لم يعرفوا لسالم أبا، ولكن يكن مولى أبي حذيفة، إنما كان حليفا لهم .
وأخرج ، الفريابي ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم في قوله : مجاهد وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به قال : هذا من قبل النهي في هذا وغيره، ولكن ما تعمدت قلوبكم بعد ما أمرتم وبعد النهي .
وأخرج ، ابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم في قوله : قتادة وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به الآية . قال : لو دعوت رجلا لغير أبيه، وأنت ترى أنه أبوه، لم يكن عليك بأس، ولكن ما أردت به العمد .
وأخرج ، ابن المنذر ، عن وابن مردويه : يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة «والله ما أخشى عليك الخطأ، ولكن أخشى عليك العمد» .
وأخرج عن ابن مردويه قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عائشة «إني لست [ ص: 727 ] أخاف عليكم الخطأ، ولكن أخاف عليكم العمد» .