قوله تعالى : وقالوا لن نؤمن لك الآيات .
أخرج ابن إسحاق، ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم ، ابن عباس أن عتبة وشيبة ابني ربيعة، ورجلا من وأبا سفيان بن حرب، بني عبد الدار، وأبا البختري أخا بني أسد، والأسود بن المطلب، وزمعة بن الأسود، والوليد بن المغيرة، وأبا جهل بن هشام، وعبد الله بن أبي أمية، وأمية بن خلف، والعاصي بن وائل، ونبيها ومنبها ابني الحجاج السهميين، اجتمعوا بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة، فقال بعضهم لبعض : ابعثوا إلى محمد [ ص: 443 ] فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه . فبعثوا إليه : أن أشراف قومك قد اجتمعوا إليك ليكلموك . فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا، وهو يظن أنهم قد بدا لهم في أمره بداء، وكان عليهم حريصا؛ يحب رشدهم ويعز عليه عنتهم، حتى جلس إليهم فقالوا : يا محمد، إنا قد بعثنا إليك لنعذرك، وإنا والله ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك؛ لقد شتمت الآباء، وعبت الدين، وسفهت الأحلام، وشتمت الآلهة، وفرقت الجماعة، فما بقي من قبيح إلا وقد جئته فيما بيننا وبينك، فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب مالا، جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت إنما تطلب الشرف فينا سودناك علينا، وإن كنت إنما تريد ملكا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك بما يأتيك رئيا تراه قد غلب عليك - وكانوا يسمون التابع من الجن الرئي - فربما كان ذلك، بذلنا أموالنا في طلب الطب حتى نبرئك منه أو نعذر فيك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما بي ما تقولون، ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أموالكم، ولا الشرف فيكم، الملك عليكم، ولكن الله بعثني إليكم رسولا، وأنزل علي كتابا، وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا، فبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم، [264ظ] فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم" . فقالوا : يا محمد، فإن كنت غير قابل منا ما عرضنا عليك، فقد علمت أنه ليس أحد من الناس أضيق بلادا، ولا أقل مالا، ولا أشد عيشا منا، فاسأل ربك الذي بعثك بما [ ص: 444 ] بعثك به فليسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا، وليبسط لنا بلادنا، وليجر فيها أنهارا كأنهارالشام والعراق، وليبعث لنا من قد مضى من آبائنا - وليكن في من يبعث لنا منهم قصي بن كلاب؛ فإنه كان شيخا صدوقا - فنسألهم عما تقول؛ حق هو أم باطل؟ فإن صنعت ما سألناك وصدقوك، صدقناك وعرفنا به منزلتك عند الله، وأنه بعثك رسولا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما بهذا بعثت، إنما جئتكم من عند الله بما بعثني به، فقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم، فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم" . قالوا : فإن لم تفعل لنا هذا فخذ لنفسك، فاسأل ربك أن يبعث ملكا يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك، وتسأله أن يجعل لك جنانا وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة، ويغنيك بها عما نراك تبتغي، فإنك تقوم بالأسواق، وتلتمس المعاش كما نلتمسه، حتى نعرف منزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما أنا بفاعل، ما أنا بالذي يسأل ربه هذا، وما بعثت إليكم بهذا، ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا، فإن تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم" . قالوا : فأسقط السماء كما زعمت أن ربك إن شاء فعل، فإنا لن نؤمن لك [ ص: 445 ] إلا أن تفعل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ذلك إلى الله، إن شاء فعل بكم ذلك" . فقالوا : يا محمد، فما علم ربك أنا سنجلس معك، ونسألك عما سألناك عنه، ونطلب منك ما نطلب، فيتقدم إليك، ويعلمك ما تراجعنا به، ويخبرك بما صانع في ذلك بنا إذا لم نقبل منك ما جئتنا به، فقد بلغنا أنه إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له : الرحمن . وإنا والله لا نؤمن بالرحمن أبدا، فقد أعذرنا إليك يا محمد، أما والله لا نتركك وما فعلت بنا حتى نهلكك أو تهلكنا . وقال قائلهم : لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلا . فلما قالوا ذلك قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم، وقام معه عبد الله بن أبي أمية، فقال : يا محمد، عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم، ثم سألوك لأنفسهم أمورا ليعرفوا بها منزلتك من الله فلم تفعل ذلك، ثم سألوك أن تعجل ما تخوفهم به من العذاب، فوالله ما أومن لك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما ثم ترقى فيه وأنا أنظر، حتى تأتيها وتأتي معك بنسخة منشورة، معك أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول، وايم الله لو فعلت ذلك لظننت أني لا أصدقك . ثم انصرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله حزينا أسفا لما فاته مما كان [ ص: 446 ] طمع فيه من قومه حين دعوه، ولما رأى من متابعتهم إياه . وأنزل عليه فيما قال له عبد الله بن أبي أمية : وقالوا لن نؤمن لك . إلى قوله : بشرا رسولا . وأنزل عليه في قولهم : لن نؤمن بالرحمن : كذلك أرسلناك في أمة قد خلت الآية [الرعد : 30] . وأنزل عليه فيما سأله عنه قومه لأنفسهم من تسيير الجبال، وتقطيع الأرض، وبعث من مضى من آبائهم من الموتى : ولو أن قرآنا سيرت به الجبال الآية [الرعد : 31] .
وأخرج ، سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم في قوله : سعيد بن جبير وقالوا لن نؤمن لك . قال : نزلت في أخي أم سلمة عبد الله بن أبي أمية .
وأخرج عن ابن جرير أنه قرأ إبراهيم النخعي، حتى تفجر لنا خفيفة .
وأخرج ، ابن جرير ، عن وابن أبي حاتم في قوله : قتادة حتى تفجر لنا من [ ص: 447 ] الأرض ينبوعا . أي : ببلدنا هذا .
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، عن وابن المنذر في قوله : مجاهد ينبوعا . قال : عيونا .
وأخرج عن ابن أبي حاتم قال : الينبوع هو النهر الذي يجري من العين . السدي
وأخرج عن ابن أبي حاتم في قوله : ابن عباس أو تكون لك جنة من نخيل وعنب . يقول : ضيعة .
وأخرج عن ابن جرير في قوله : ابن عباس أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا . قال : قطعا .
وأخرج عن ابن أبي حاتم في قوله : ابن عباس أو تأتي بالله والملائكة قبيلا . قال : عيانا .
وأخرج عن ابن جرير في قوله : ابن عباس أو يكون لك بيت من زخرف . قال : من ذهب .
وأخرج في "فضائله"، أبو عبيد ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم في "المصاحف"، وابن الأنباري في "الحلية"، عن [ ص: 448 ] وأبو نعيم قال : لم أكن أحسن ما الزخرف حتى سمعتها في قراءة مجاهد عبد الله (أو يكون لك بيت من ذهب) .
وأخرج عن عبد بن حميد قال : الزخرف الذهب . قتادة
وأخرج ، ابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم في قوله : مجاهد حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه . قال : من رب العالمين، إلى فلان بن فلان . يصبح عند كل رجل صحيفة عند رأسه موضوعة يقرؤها .