قوله عز وجل: وكذلك بعثناهم يعني به إيقاظهم من نومهم. قال وأنام الله كلبهم معهم. مقاتل: ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم ليعلموا قدر نومهم. قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم كان السائل منهم أحدهم ، والمجيب له غيره ، فقال لبثنا يوما لأنه أطول مدة النوم المعهود ، فلما رأى الشمس لم تغرب قال أو بعض يوم لأنهم أنيموا أول النهار ونبهوا آخره. قالوا ربكم أعلم بما لبثتم وفي قائله قولان:
[ ص: 294 ] أحدهما: أنه حكاية عن الله تعالى أنه أعلم بمدة لبثهم.
الثاني: أنه قول كبيرهم مكسلمينا حين رأى الفتية مختلفين فيه فقال ربكم أعلم بما لبثتم فنطق بالصواب ورد الأمر إلى الله عالمه ، وهذا قول ابن عباس. فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة قرئ بكسر الراء وبتسكينها ، وهو في القراءتين جميعا الدراهم ، وأما الورق بفتح الراء فهي الإبل والغنم ، قال الشاعر:
إياك أدعو فتقبل ملقي كفر خطاياي وثمر ورقي
يعني إبله وغنمه. فلينظر أيها أزكى طعاما فيه أربعة تأويلات: أحدها: أيها أكثر طعاما ، وهذا قول عكرمة.
الثاني: أيها أحل طعاما ، وهذا قول قتادة.
الثالث: أطيب طعاما ، قاله الكلبي.
الرابع: أرخص طعاما. فليأتكم برزق منه فيه وجهان: أحدهما: بما ترزقون أكله.
الثاني: بما يحل لكم أكله. وليتلطف يحتمل وجهين: أحدهما: وليسترخص.
الثاني: وليتلطف في إخفاء أمركم. وهذا يدل على جواز اشتراك الجماعة في طعامهم وإن كان بعضهم أكثر أكلا وهي المناهدة ، وكانت مستقبحة في الجاهلية
[ ص: 295 ] فجاء الشرع بإباحتها. قوله عز وجل: إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: يرجموكم بأيديم استنكارا لكم ، قاله الحسن.
الثاني: بألسنتهم غيبة لكم وشتما ، قاله ابن جريج.
الثالث: يقتلوكم. والرجم القتل لأنه أحد أسبابه. أو يعيدوكم في ملتهم يعني في كفرهم. ولن تفلحوا إذا أبدا إن أعادوكم في ملتهم.