قوله عز وجل: ولقد جعلنا في السماء بروجا فيه خمسة أقاويل: أحدها: أنها قصور في السماء فيها الحرس ، قاله عطية.
الثاني: أنها منازل الشمس والقمر ، قاله علي بن عيسى.
الثالث: أنها الكواكب العظام ، قاله ، يعني السبعة السيارة. أبو صالح
الرابع: أنها النجوم ، قاله الحسن وقتادة.
الخامس: أنها البروج الاثنا عشر. وأصل البروج الظهور ، ومنه تبرجت المرأة إذا أظهرت نفسها. وزيناها للناظرين أي حسناها. وحفظناها من كل شيطان رجيم يعني السماء. وفي الرجيم ثلاثة أوجه: أحدها: أنه الملعون ، قاله . قتادة
الثاني: المرجوم بقول أو فعل ، ومنه قول الأعشى
يظل رجيما لريب المنون والسقم في أهله والحزن
الثالث: أنه الشتيم. زعم أن السماوات كلها لم تحفظ من الشياطين إلى زمن الكلبي عيسى ، فلما بعث الله تعالى عيسى حفظ منها ثلاث سماوات ، إلى مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فحفظ جميعها بعد بعثه وحرسها منهم بالشهب. قوله عز وجل: إلا من استرق السمع ومسترق السمع من الشياطين يسترقه من أخبار الأرض دون الوحي ؛ لأن الله تعالى قد حفظ وحيه منهم. ومن استراقهم له قولان:
[ ص: 153 ] أحدهما: أنهم يسترقونه من الملائكة في السماء.
الثاني: في الهواء عند نزول الملائكة من السماء. وفي حصول السمع قبل أخذهم بالشهاب قولان: أحدهما: أن الشهاب يأخذهم قبل وصولهم إلى السمع ، فيصرفون عنه.
الثاني: أنه يأخذهم بعد وصول السمع إليهم. وفي أخذهم بالشهاب قولان: أحدهما: أنه يخرج ويحرق ولا يقتل ، قاله . ابن عباس
الثاني: أنه يقتل ، قاله وطائفة. فعلى هذا القول في قتلهم بالشهب قبل إلقاء السمع إلى الجن قولان: أحدهما: أنهم يقتلون قبل إلقائهم ما استرقوه من السمع إلى غيرهم ، فعلى هذا لا تصل أخبار السماء إلى غير الأنبياء ، قاله الحسن ؛ ولذلك انقطعت الكهانة. ابن عباس
الثاني: أنهم يقتلون بعد إلقائهم ما استرقوه من السمع إلى غيرهم من الجن ؛ ولذلك ما يعودون إلى استراقه، ولو لم يصل لانقطع الاستراق وانقطع الإحراق. وفي الشهب التي يرجمون بها قولان: أحدهما: أنها نور يمتد بشدة ضيائه فيحرقهم ولا يعود ، كما إذا أحرقت النار لم تعد.
الثاني: أنها نجوم يرجمون بها وتعود إلى أماكنها ، قال : ذو الرمة
كأنه كوكب في إثر عفرية مسوم في سواد الليل منقضب
قوله عز وجل: والأرض مددناها أي بسطناها. قال بسطت من مكة لأنها قتادة. أم القرى. وألقينا فيها رواسي وهي الجبال. وأنبتنا فيها من كل شيء موزون فيه أربعة أقاويل: أحدها: يعني مقدر معلوم ، قاله ابن عباس وإنما قيل وسعيد بن جبير.
[ ص: 154 ] موزون لأن الوزن يعرف به مقدار الشيء. قاله الشاعر :
قد كنت قبل لقائكم ذا مرة عندي لكل مخاصم ميزانه
الثاني: يعني به الأشياء التي توزن في أسواقها ، قاله الحسن وابن زيد.
الثالث: معناه مقسوم ، قاله . قتادة
الرابع: معناه معدود ، قاله . ويحتمل خامسا: أنه ما يوزن فيه الأثمان لأنه أجل قدرا وأعم نفعا مما لا ثمن له. قوله عز وجل: مجاهد وجعلنا لكم فيها معايش فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أنها الملابس ، قاله الحسن.
الثاني: أنها المطاعم والمشارب التي يعيشون فيها ، ومنه قول جرير :
تكلفني معيشة آل زيد ومن لي بالمرقق والصناب
الثالث: أنها التصرف في أسباب الرزق مدة أيام الحياة ، وهو الظاهر. ومن لستم له برازقين فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها الدواب والأنعام ، قاله . مجاهد
الثاني: أنها الوحوش ، قاله منصور.
الثالث: العبيد والأولاد الذين قال الله فيهم : نحن نرزقهم وإياكم [الإسراء: 31] قاله ابن بحر.