قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون
قوله عز وجل: قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي فيه وجهان: أحدهما: يعني على ثقة من ربي ، قاله أبو عمران الجوني.
الثاني: على حجة من ربي ، قاله [ ص: 466 ] علي بن عيسى. وآتاني رحمة من عنده فيها وجهان: أحدهما: الإيمان. والثاني: النبوة ، قاله . ابن عباس فعميت عليكم يعني البينة في قوله: إن كنت على بينة من ربي وإنما قال: فعميت عليكم وهم الذين عموا عنها ، لأنها خفيت عليهم بترك النظر فأعماهم الله عنها. وقرأ حمزة والكسائي وحفص: فعميت عليكم بضم العين وتشديد الميم ، وفي قراءة فعماها وهي موافقة لقراءة من قرأ بالضم على ما لم يسم فاعله. وفي الذي عماها على هاتين القراءتين وجهان: أحدهما: أن الله تعالى عماها عليهم. أبي
الثاني: بوسوسة الشيطان. وما زينه لهم من الباطل حتى انصرفوا عن الحق. وإنما قصد نبي الله نوح بهذا القول لقومه أن يرد عليهم قولهم: وما نرى لكم علينا من فضل ليظهر فضله عليهم بأنه على بينة من ربه وآتاه رحمة من عنده وهم قد سلبوا ذلك ، فأي فضل أعظم منه؟ ثم قال تعالى: أنلزمكموها وأنتم لها كارهون فيها وجهان: أنلزمكم الرحمة ، قاله . مقاتل
الثاني: أنلزمكم البينة وأنتم لها كارهون ، وقبولكم لها لا يصح مع الكراهة عليها. قال والله لو استطاع نبي الله قتادة نوح عليه السلام لألزمها قومه ولكنه لم يملك ذلك.