واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون
قوله عز وجل: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة في الحسنة هنا ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها النعمة سميت حسنة لحسن موقعها في النفوس. والثاني: أنها الثناء الصالح. والثالث: أنها مستحقات الطاعة. إنا هدنا إليك فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: معناه تبنا إليك ، قاله ، ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وقتادة وإبراهيم. والثاني: رجعنا بالتوبة إليك ، لأنه من هاد يهود إذا رجع ، قاله [ ص: 267 ] والثالث: يعني تقربنا بالتوبة إليك من قولهم: ما له عند فلان هوادة ، أي ليس له عنده سبب يقربه منه ، قاله علي بن عيسى. ابن بحر . قال عذابي أصيب به من أشاء وفيه قولان: أحدهما: من أشاء من خلقي كما أصيب به قومك.
الثاني: من أشاء في التعجيل والتأخير. ورحمتي وسعت كل شيء فيها ثلاثة تأويلات: أحدها: أن مخرجها عام ومعناها خاص ، تأويل ذلك: ورحمتي وسعت المؤمنين بي من أمة محمد صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى فسأكتبها للذين يتقون الآية قاله . والثاني: أنها على العموم في الدنيا والخصوص في الآخرة ، وتأويل ذلك: ورحمتي وسعت في الدنيا البر والفاجر ، وفي الآخرة هي للذين اتقوا خاصة ، قاله ابن عباس ، الحسن . والثالث: أنها التوبة ، وهي على العموم ، قاله وقتادة . ابن زيد فسأكتبها للذين يتقون فيه قولان: أحدهما: يتقون الشرك ، قاله . والثاني: يتقون المعاصي ، قاله ابن عباس . قتادة ويؤتون الزكاة فيها قولان: أحدهما: أنها زكاة أموالهم لأنها من أشق فرائضهم ، وهذا قول الجمهور. والثاني: معناه أي يطيعون الله ورسوله ، قاله ابن عباس ، وذهبا إلى أنه العمل بما يزكي النفس ويطهرها من صالحات الأعمال. فأما المكنى عنه بالهاء التي في قوله: والحسن فسأكتبها فقد قيل إن موسى لما انطلق بوفد بني إسرائيل كلمه الله وقال: إني قد بسطت لهم الأرض طهورا ومساجد يصلون فيها حيث أدركتهم الصلاة إلا عند مرحاض أو قبر أو حمام ، وجعلت السكينة في قلوبهم ، وجعلتهم يقرؤون التوراة عن ظهر ألسنهم ، قال فذكر موسى ذلك لبني إسرائيل ، فقالوا لا نستطيع حمل السكينة في قلوبنا فاجعلها لنا في تابوت ، ولا نقرأ التوراة إلا نظرا ، ولا نصلي إلا في السكينة ، فقال الله تعالى: فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة يعني ما مضى من السكينة والصلاة والقراءة ، ثم بين من هم فقال: [ ص: 268 ]