قوله تعالى: وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو فيه وجهان: أحدهما: معناه إن ألحق الله بك ضرا ، لأن المس لا يجوز على الله. والثاني: معناه وإن جعل الضر يمسك. وكذلك قوله: وإن يمسسك بخير وفي الضر والخير وجهان: أحدهما: أن الضر السقم ، والخير العافية. والثاني: أن الضر الفقر ، والخير الغنى. قوله عز وجل: وهو القاهر فوق عباده فيه قولان: أحدهما: أن معناه القاهر لعباده ، وفوق صلة زائدة. والثاني: أنه بقهره لعباده مستعل عليهم ، فكان قوله فوق مستعملا على حقيقته كقوله تعالى: يد الله فوق أيديهم [الفتح: 10] لأنها أعلى قوة. ويحتمل ثالثا: وهو القاهر فوق قهر عباده ، لأن قهره فوق كل قهر. وفي هذا القهر وجهان: أحدهما: أنه إيجاد المعدوم. [ ص: 100 ] والثاني: أنه لا راد لأقداره ولا صاد عن اختياره. قوله عز وجل: قل أي شيء أكبر شهادة الآية ، في سبب [نزول] ذلك قولان: أحدهما: أن المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: من يشهد لك بالنبوة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية يأمره فيها أن يقول لهم: أي شيء أكبر شهادة ، ثم أجابه عن ذلك فقال: قل الله شهيد بيني وبينكم يعني: بصدقي وصحة نبوتي وهي أكبر الشهادات ، قاله . والثاني: أن الله تعالى أمره أن يشهد عليهم بتبليغ الرسالة إليهم فقال ذلك ليشهده عليهم. الحسن لأنذركم به ومن بلغ فيه وجهان: أحدهما: لأنذركم [يا] أهل مكة ومن بلغه القرآن من غير أهل مكة . والثاني: لأنذركم به: [أيها] العرب ومن بلغ من العجم. قوله عز وجل: الذين آتيناهم الكتاب فيه قولان: أحدهما: أنه التوراة والإنجيل ، قاله ، الحسن ، وقتادة ، والسدي . والثاني: أنه القرآن. وابن جريج يعرفونه كما يعرفون أبناءهم فيه قولان: أحدهما: يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم ، لأن صفته موجودة في كتابهم ، قاله ، الحسن ، ومن زعم أن الكتاب هو التوراة والإنجيل. [ ص: 101 ] والثاني: يعرفون الكتاب الدال على صفته ، وصدقه ، وصحة نبوته ، وهذا قول من زعم أن الكتاب هو القرآن. وعنى بقوله: وقتادة كما يعرفون أبناءهم تثبيتا لصحة المعرفة. وحكى الكلبي : أن والفراء قال عمر بن الخطاب حين أسلم: ما هذه المعرفة التي تعرفون بها لعبد الله بن سلام محمدا صلى الله عليه وسلم كما تعرفون أبناءكم؟ قال: والله لأنا به إذا رأيته أعرف مني بابني وهو يلعب مع الصبيان ، لأني لا أشك أنه محمد ، وأشهد أنه حق ، ولست أدري ما صنع النساء في الابن. الذين خسروا أنفسهم فيه تأويلان: أحدهما: أنهم خسروا بالكفر منازلهم وأزواجهم في الجنة ، لأنه ليس أحد من مؤمن ولا كافر إلا وله منازل وأزواج ، فإن أسلموا كانت لهم ، وإن كفروا كانت لمن آمن من أهلهم ، وهو معنى قوله تعالى: الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون [المؤمنون: 11] ، قاله . والثاني: معناه غبنوها فأهلكوها بالكفر والتكذيب ، ومنه قول الفراء الأعشى:
لا يأخذ الرشوة في حكمه ولا يبالي خسر الخاسر