يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين ذلك [ ص: 75 ] أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم في قوله: شهادة بينكم ثلاثة تأويلات: أحدها: أنها والثاني: أنها شهادة الحضور للوصية. والثالث: أنها أيمان ، ومعنى ذلك أيمان بينكم ، فعبر عن اليمين بالشهادة كما قال في أيمان المتلاعنين: الشهادة بالحقوق عند الحكام. فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله وفي قوله تعالى: اثنان ذوا عدل منكم تأويلان: أحدهما: يعني من المسلمين ، قاله ، ابن عباس . والثاني: من حي الموصي ، قاله ومجاهد ، الحسن ، وسعيد بن المسيب وفيهما قولان: أحدهما: أنهما وعكرمة والثاني: أنهما وصيان. شاهدان يشهدان على وصية الموصي. أو آخران من غيركم فيه تأويلان: أحدهما: من غير دينكم من أهل الكتاب ، قاله ، ابن عباس ، وأبو موسى ، وسعيد بن جبير وإبراهيم ، . والثاني: من غير قبيلتكم وعشيرتكم ، قاله وشريح ، الحسن ، وعكرمة ، والزهري وفي ( أو ) في هذا الموضع قولان: أحدهما: أنها للتخيير في قبول اثنين منا أو آخرين من غيرنا. والثاني: أنها لغير التخيير ، وإن معنى الكلام ، أو آخران من غيركم إن لم تجدوا ، منكم ، قاله وعبيدة. ابن عباس ، وشريح وسعيد بن جبير . والسدي إن أنتم ضربتم في الأرض يعني سافرتم. [ ص: 76 ] فأصابتكم مصيبة الموت وفي الكلام محذوف تقديره: فأصابتكم مصيبة الموت ، وقد أسندتم الوصية إليهما. ثم قال تعالى: تحبسونهما من بعد الصلاة يعني تستوقفونهما للأيمان وهذا خطاب للورثة ، وفي هذه الصلاة ثلاثة أقوال: أحدها: بعد صلاة العصر ، قاله ، شريح ، والشعبي وسعيد بن جبير . والثاني: من بعد صلاة الظهر ، والعصر ، قاله وقتادة . والثالث: من بعد صلاة أهل دينهما وملتهما من أهل الذمة ، قاله الحسن ، ابن عباس . والسدي فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا معناه فيحلفان بالله إن ارتبتم بهما ، وفيهما قولان: [ ص: 77 ] أحدهما: أنهما الوصيان إن ارتبتم بهما في الخيانة أحلفهما الورثة. والثاني: أنهما الشاهدان إن ارتبتم بهما ، ولم تعرف عدالتهما ، ولا جرحهما ، أحلفهما الحاكم ليزول عنه الارتياب بهما ، وهذا إنما جوزه قائل هذا القول في السفر دون الحضر. وفي قوله تعالى: لا نشتري به ثمنا تأويلان: أحدهما: لا نأخذ عليه رشوة ، قاله . والثاني: لا نعتاض عليه بحق. ابن زيد ولو كان ذا قربى أي لا نميل مع ذي القربى في قول الزور ، والشهادة بغير حق. ولا نكتم شهادة الله يعني عندنا فيما أوجبه علينا. قوله تعالى: فإن عثر على أنهما استحقا إثما يعني فإن ظهر على أنهما كذبا وخانا ، فعبر عن الكذب بالخيانة والإثم لحدوثه عنهما. وفي الذين: عثر على أنهما استحقا إثما قولان: أحدهما: أنهما الشاهدان ، قاله . والثاني: أنهما الوصيان ، قاله ابن عباس . سعيد بن جبير فآخران يعني من الورثة. يقومان مقامهما في اليمين ، حين ظهرت الخيانة. من الذين استحق عليهم الأوليان فيه تأويلان: أحدهما: الأوليان بالميت من الورثة ، قاله . والثاني: الأوليان بالشهادة من المسلمين ، قاله سعيد بن جبير ابن عباس . وكان سبب نزول هذه الآية ما روى وشريح عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن قال: ابن عباس بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء ، فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم ، فلما قدما بتركته ، فقدوا جاما من فضة مخوصا بالذهب فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم وجد الجام بمكة ، وقالوا اشتريناه من ، تميم الداري وعدي بن بداء ، فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا: لشهادتنا أحق من شهادتهما وأن الجام لصاحبهم قال: وفيهم نزل: يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إلى قوله: واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين ثم اختلفوا في خرج رجل من فقال حكم هاتين الآيتين هل هو منسوخ أو ثابت. حكمهما منسوخ. قال ابن عباس : لم يكن الإسلام إلا ابن زيد بالمدينة فجازت وهو اليوم طبق الأرض. وقال شهادة أهل الكتاب : حكمهما ثابت غير منسوخ.
الحسن