ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون
وفي قوله تعالى: وعزرتموهم تأويلان: [ ص: 21 ] أحدهما: يعني نصرتموهم ، وهذا قول ، الحسن . ومجاهد
الثاني: عظمتموهم ، وهذا قول . وأصله المنع ، قال أبي عبيدة : عزرته عزرا إذا رددته عن الظلم ، ومنه التعزير لأنه يمنع من معاودة القبح. قوله تعالى: الفراء فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وتقديره: فبنقضهم ميثاقهم لعناهم ، و (ما) صلة زائدة. وجعلنا قلوبهم قاسية من القسوة وهي الصلابة. وقرأ حمزة ( قسية ) وفيه تأويلان: أحدهما: أنها أبلغ من قاسية. والثاني: أنها بمعنى قاسية. والكسائي يحرفون الكلم عن مواضعه يعني بالتغيير والتبديل ، وسوء التأويل. ونسوا حظا مما ذكروا به يعني نصيبهم من الميثاق المأخوذ عليهم. ولا تزال تطلع على خائنة منهم فيه تأويلان. أحدهما: يعني خيانة منهم. والثاني: يعني فرقة خائنة. إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح فيها قولان: أحدهما: أن حكمها ثابت في الصفح والعفو إذا رآه. والثاني: أنه منسوخ ، وفي الذي نسخه قولان: أحدهما: قوله تعالى: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر [التوبة: 29] وهذا قول . والثاني: قوله تعالى: قتادة وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء [الأنفال: 58]