يهل بالفرقد ركبانها كما يهل الراكب المعتمر
والمنخنقة فيها قولان: أحدهما: أنها تخنق بحبل الصائد وغيره حتى تموت ، وهو قول ، السدي والثاني: أنها التي توثق ، فيقتلها خناقها. والضحاك. والموقوذة هي التي تضرب بالخشب حتى تموت ، يقال: (وقذتها أقذها وقذا ، وأوقذها إيقاذا ، إذا أثخنتها ضربا ، ومنه قول الفرزدق
شغارة تقذ الفصيل برجلها فطارة لقوادم الأبكار
والمتردية هي التي تسقط من رأس جبل ، أو بئر حتى تموت. والنطيحة هي الشاة التي تنطحها أخرى حتى تموت. وما أكل السبع إلا ما ذكيتم فيه قولان: أحدهما: يعني من المنخنقة وما بعدها ، وهو قول رضي الله عنه ، علي ، وابن عباس ، وقتادة ، والجمهور. والثاني: أنه عائد إلى ما أكل السبع خاصة ، وهو محكي عن الظاهرية. وفي والحسن قولان: أحدهما: أن تكون لها عين تطرف أو ذنب يتحرك. والثاني: أن تكون فيها حركة قوية لا كحركة المذبوح ، وهو قول مأكولة السبع التي تحل بالذكاة ، الشافعي ومالك. وأن تستقسموا بالأزلام معناه أن تطلبوا علم ما قسم أو لم يقسم من رزق أو حاجة بالأزلام ، وهي قداح ثلاثة مكتوب على أحدها: أمرني ربي ، والآخر: نهاني ربي ، والثالث: غفل لا شيء عليه ، فكانوا إذا أرادوا سفرا ، أو [ ص: 12 ] غزوا ، ضربوا بها واستقسموا ، فإن خرج أمرني ربي فعلوه ، وإن خرج نهاني ربي تركوه ، وإن خرج الأبيض أعادوه ، فنهى الله عنه ، فسمي ذلك استقساما ، لأنهم طلبوا به علم ما قسم لهم. وقال أبو العباس المبرد : بل هو مشتق من قسم اليمين ، لأنهم التزموا ما يلتزمونه ، باليمين. ذلكم فسق أي خروج عن أمر الله وطاعته ، وفعل ما تقدم نهيه عنه ، اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فيه قولان: أحدهما: أن ترتدوا عنه راجعين إلى دينهم. والثاني: أن يقدروا على إبطاله ويقدحوا في صحته. قال : كان ذلك يوم مجاهد عرفة حين حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ، بعد دخول العرب الإسلام حتى لم ير النبي صلى الله عليه وسلم مشركا. فلا تخشوهم واخشون أي لا تخشوهم أن يظهروا عليكم ، واخشون ، أن تخالفوا أمري. اليوم أكملت لكم دينكم فيه قولان: أحدهما: أنه يوم عرفة في حجة الوداع ولم يعش [الرسول صلى الله عليه وسلم] بعد ذلك إلا إحدى وثمانين ليلة ، وهذا قول ، ابن عباس . [ ص: 13 ] والثاني: أنه زمان النبي صلى الله عليه وسلم كله إلى أن نزل ذلك عليه يوم والسدي عرفة ، وهذا قول . وفي إكمال الدين قولان: أحدهما: يعني أكملت فرائضي وحدودي وحلالي وحرامي ، ولم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم من الفرائض من تحليل ولا تحريم ، وهذا قول الحسن ابن عباس . والثاني: يعني اليوم أكملت لكم حجتكم ، أن تحجوا والسدي البيت الحرام ، ولا يحج معكم مشرك ، وهذا قول ، قتادة وسعيد بن جبير. وأتممت عليكم نعمتي بإكمال دينكم. ورضيت لكم الإسلام دينا أي رضيت لكم الاستسلام لأمري دينا ، أي طاعة. روى قال: قبيصة قال لو أن غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية ، لعظموا اليوم الذي أنزلت فيه عليهم ، فاتخذوه عيدا يجتمعون فيه ، فقال كعب : قد علمت اليوم الذي أنزلت فيه ، والمكان الذي نزلت فيه ، نزلت في يوم الجمعة ويوم عمر عرفة ، وكلاهما - بحمد الله - لنا عيد. فمن اضطر أي أصابه ضر الجوع. في مخمصة أي في مجاعة ، وهي مفعلة مثل مجهلة ومبخلة ومجبنة ومخزية من خمص البطن ، وهو اصطباره من الجوع ، قال الأعشى
تبيتون في المشتى ملاء بطونكم وجاراتكم غرقى يبتن خماصا
غير متجانف لإثم فيه قولان: أحدهما: غير متعمد لإثم ، وهذا قول ، ابن عباس ، والحسن ، وقتادة . والثاني: غير مائل إلى إثم ، وأصله من جنف القوم إذا مالوا ، وكل أعوج عند ومجاهد العرب أجنف. وقد روى عن الأوزاعي عن حسان عطية عن قال: أبي واقد الليثي واختلف في قلنا [ ص: 14 ] يا رسول الله إنا بأرض يصيبنا فيها مخمصة ، فما يصلح لنا من الميتة؟ قال: (إذا لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تجنفوا بها ، فشأنكم بها على ثلاثة أقاويل. أحدها: أنها نزلت في يوم وقت نزول هذه السورة عرفة ، روى عن شهر بن حوشب قالت: أسماء بنت يزيد بعرفة فكادت من ثقلها أن تدق عضد الناقة. والثاني: أنها نزلت في مسيره صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، وهو راكب ، فبركت به راحلته من ثقلها. والثالث: أنها نزلت يوم الاثنين نزلت سورة المائدة جميعا وأنا آخذة بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء وهو واقف بالمدينة ، وهو قول ، وقد حكي عنه القول الأول. [ ص: 14 ] ابن عباس