بأسهم بينهم شديد فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه اختلاف قلوبهم حتى لا يتفقوا على أمر واحد ، قاله . السدي
الثاني: أنه وعيدهم للمسلمين لنفعلن كذا وكذا ، قاله . مجاهد تحسبهم جميعا فيه قولان:
أحدهما: أنهم اليهود.
الثاني: أنهم المنافقون واليهود ، قاله . مجاهد وقلوبهم شتى يعني مختلفة متفرقة ، قال الشاعر
إلى الله أشكو نية شقت العصا هي اليوم شتى وهي بالأمس جمع
وفي قراءة (وقلوبهم أشت) بمعنى أشد تشتيتا ، أي أشد اختلافا. وفي اختلاف قلوبهم وجهان: [ ص: 509 ] أحدهما: لأنهم على باطل ، والباطل مختلف ، والحق متفق. ابن مسعودالثاني: أنهم على نفاق ، والنفاق اختلاف.
وقوله تعالى كمثل الذين من قبلهم قريبا الآية. فيه أربعة أقاويل:
أحدها: أنهم كفار قريش يوم بدر ، قاله . مجاهد
الثاني: أنهم قتلى بدر ، قاله ، السدي ومقاتل.
الثالث: أنهم بنو النضير الذين أجلوا من الحجاز إلى الشام ، قاله . قتادة
الرابع: أنهم بنو قريظة ، كان قبلهم إجلاء بني النضير. ذاقوا وبال أمرهم بأن نزلوا على حكم فحكم فيهم بقتل مقاتليهم وسبي ذراريهم ، قاله سعد [بن معاذ] . وفيه وجهان: الضحاك
أحدهما: في تجارتهم.
الثاني: في نزول العذاب بهم. كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فيه قولان:
أحدهما: أنه مثل ضربه الله للكافر في طاعته للشيطان ، وهو عام في الناس كلهم ، قاله . مجاهد
الثاني: أنها خاصة في سبب خاص صار به المثل عاما ، وذلك ما رواه عطية العوفي عن أن راهبا كان في بني إسرائيل يعبد الله فيحسن عبادته ، وكان يؤتى من كل أرض يسأل عن الفقه وكان عالما، وأن ثلاثة إخوة كانت لهم أخت من أحسن النساء مريضة ، وأنهم أرادوا سفرا فكبر عليهم أن يذروها ضائعة ، فجعلوا يأتمرون فيما يفعلون، فقال أحدهم: ألا أدلكم على من تتركونها عنده؟ فقال له من؟ فقال: راهب بني إسرائيل، وإن مات قام عليها ، وإن عاشت حفظها حتى ترجعوا إليه، فعمدوا إليه وقالوا: إنا نريد السفر وإنا لا نجد أحدا أوثق في أنفسنا منك ولا آمن علينا [ ص: 510 ] غيرك، فاجعل أختنا عندك فإنها ضائعة مريضة، فإن ماتت فقم عليها ، وإن عاشت فاحفظها حتى نرجع ، فقال: أكفيكم إن شاء الله ، وإنهم انطلقوا ، فقام عليها وداواها حتى برئت فلم يزل به الشيطان يزين له حتى وقع عليها وحبلت ، ثم تقدم منه الشيطان فزين له قتلها وقال: إن لم تفعل افتضحت ، فقتلها. فلما عاد إخوتها سألوه عنها فقال: ماتت فدفنتها ، قالوا أحسنت ، فجعلوا يرون في المنام أن الراهب قتلها وأنها تحت شجرة كذا ، فعمدوا إلى الشجرة فوجدوها قد قتلت ، فأخذوه ، فقال له الشيطان: أنا الذي زينت لك قتلها بعد الزنى فهل لك أن أنجيك وتطيعني؟ قال: نعم ، قال فاسجد لي سجدة واحدة ، فسجد ثم قتل ، فذلك قوله تعالى: ابن عباس كمثل الشيطان فكذا المنافقون وبنو النضير مصيرهم إلى النار.