إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون
لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: من حارب الله ورسوله ، قاله قتادة والفراء.
الثاني: من خالف الله ورسوله ، قاله . الكلبي
الثالث: من عادى الله ورسوله ، قاله مقاتل. ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم اختلف فيمن نزلت هذه الآية فيه على ثلاثة أقاويل:
أحدها: ما قاله نزلت هذه الآية في ابن شوذب: قتل أباه أبي عبيدة بن الجراح الجراح يوم بدر ، جعل يتصدى له ، وجعل يحيد عنه ، فلما أكثر قصد إليه أبو عبيدة فقتله. [ ص: 496 ] وروى أبو عبيدة عن سعيد بن عبد العزيز أنه قال: لو كان عمر بن الخطاب حيا لاستخاره ، قال أبو عبيدة سعيد: وفيه نزلت هذه الآية.
وفيه وجهان:
أحدهما: أنه خارج مخرج النهي للذين آمنوا أن يوادوا من حاد الله ورسوله.
الثاني: أنه خارج مخرج الصفة لهم والمدح بأنهم لا يوادون من حاد الله ورسوله ، وكان هذا مدحا. أولئك كتب في قلوبهم الإيمان فيه أربعة أوجه:
أحدها: معناه جعل في قلوبهم الإيمان وأثبته ، قال : فصار كالمكتوب. السدي
الثاني: كتب في اللوح المحفوظ أن في قلوبهم الإيمان.
الثالث: حكم لقلوبهم بالإيمان.
الرابع: أنه جعل في قلوبهم سمة للإيمان على أنهم من أهل الإيمان ، حكاه . ابن عيسى وأيدهم بروح منه فيه خمسة أوجه:
أحدها: أعانهم برحمته ، قاله . السدي
الثاني: أيدهم بنصره حتى ظفروا.
الثالث: رغبهم في القرآن حتى آمنوا.
الرابع: قواهم بنور الهدى حتى صبروا.
الخامس: قواهم بجبريل يوم بدر. رضي الله عنهم يعني في الدنيا بطاعتهم. ورضوا عنه فيه وجهان:
أحدهما: رضوا عنه في الآخرة بالثواب.
الثاني: رضوا عنه في الدنيا بما قضاه عليهم فلم يكرهوه. أولئك حزب الله فيهم وجهان: [ ص: 497 ] أحدهما: أنهم من عصبة الله فلا تأخذهم لومة لائم.
الثاني: أنهم أنصار حقه ورعاة خلقه وهو محتمل.
القول الثاني: ما روى أن هذه الآية نزلت في ابن جريج وقد أبي بكر الصديق سمع أباه أبا قحافة يسب النبي صلى الله عليه وسلم فصكه صكة فسقط على وجهه ، فقال ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: (أوفعلته؟ لا تعد إليه يا أبو بكر فقال والله لو كان السيف قريبا مني لضربته به، فنزلت هذه الآية. أبا بكر)
القول الثالث: ما حكى الكلبي أن هذه الآية نزلت في ومقاتل وقد كتب إلى أهل حاطب بن أبي بلتعة مكة ينذرهم بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم عام الفتح.