ثمانية أزواج الزوج يقال لكل واحد من القرينين من الذكر والأنثى في الحيوانات المتزاوجة ويطلق على مجموعهما والمراد به هنا الأول وإلا كانت أربعة وإيرادها بهذا العنوان وهذا العدد أوفق لما سيق له الكلام و ثمانية على ما قاله واختاره غير واحد من المحققين بدل من الفراء حمولة وفرشا منصوب بما نصبهما وهو ظاهر على تفسير الحمولة والفرش بما يشمل الأزواج الثمانية أما لو خص ذلك بالإبل ففيه خفاء .
وجوز أن يكون التقدير وأنشأ ثمانية وأنه معطوف على جنات وحذف الفعل وحرف العطف وضعفه ووجهه لا يخفى وأن يكون مفعولا لكلوا الذي قبله والتقدير كلوا لحم ثمانية أزواج أبو البقاء ولا تتبعوا جملة معترضة وأن يكون حالا من ما مرادا بها الأنعام ويؤول بنحو مختلفة أو متعددة ليكون بيانا للهيئة وهو عند من يشترط في الحال أن يكون مشتقا أو مؤولا به ظاهر وتعقب ذلك شيخ الإسلام بأنه يأباه جزالة النظم الكريم لظهور أنه مسوق لتوضيح حال الأنعام بتفصيلها أولا إلى حمولة وفرش ثم تفصيلها إلى ثمانية أزواج حاصلة من تفصيل الأول إلى الإبل والبقر وتفصيل الثاني إلى الضأن والمعز ثم [ ص: 41 ] تفصيل كل الأقسام الأربعة إلى الذكر والأنثى كل ذلك لتحرير المواد التي تقولوا فيها عليه سبحانه بالتحليل والتحريم ثم تبكيتهم بإظهار كذبهم وافترائهم في كل مادة من تلك المواد بتوجيه الإنكار إليها مفصلة . انتهى . وفيه منع ظاهر وقوله سبحانه من الضأن اثنين على معنى زوجين اثنين الكبش والنعجة ونصب اثنين قيل : على أنه بدل من ثمانية أزواج بدل بعض من كل أو كل من كل إن لوحظ العطف عليه منصوب بناصبه والجار متعلق به .
وقال العلامة الثاني : الظاهر أن من الضأن بدل من الأنعام واثنين من حمولة وفرشا أو من ثمانية أزواج إن جوزنا أن يكون للبدل بدل وجوز أن يكون البدل اثنين حال من النكرة قدمت عليها .
وقرئ ( اثنان ) على أنه مبتدأ خبره الجار والمجرور والجملة بيانية لا محل لها من الإعراب والضأن اسم جنس كالإبل جمع ضئين كأمير وكعبيد أو جمع ضائن كتاجر وتجر وقرئ بفتح الهمزة وهو لغة فيه ومن المعز زوجين اثنين التيس والعنز وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب بفتح العين وهو جمع ماعز كصاحب وصحب وحارس وحرس وقرأ وابن عامر ( ومن المعزى ) وهو اسم جمع معز وهذه الأزواج الأربعة على ما اختاره شيخ الإسلام تفصيل للفرش قال : ولعل تقديمها في التفصيل مع تأخر أصلها في الإجمال لكون هذين النوعين عرضة للأكل الذي هو معظم ما يتعلق به الحل والحرمة وهو السر في الاقتصار على الأمر به في قوله تعالى : أبي كلوا مما رزقكم الله من غير تعرض للانتفاع بالحمل والركوب وغير ذلك مما حرموه في السائبة وأخواتها ومن الناس من علل التقديم بأشرفية الغنم ولهذا رعاها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهو لا يناسب المقام كما لا يخفى قل تبكيتا لهم وإظهارا لعجزهم عن الجواب آلذكرين ذكر الضأن وذكر المعز حرم الله تعالى أم الأنثيين أي أنثى ذينك الصنفين ونصب الذكرين والأنثيين بحرم أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أي أم الذي حملته إناث النوعين ذكرا كان أو أنثى نبئوني بعلم أي أخبروني بأمر معلوم من جهته تعالى جاءت به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يدل على أنه تعالى حرم شيئا مما ذكر أو نبئوني ببينة متلبسة بعلم صادرة عنه إن كنتم صادقين (143) في دعوى التحريم عليه سبحانه وتعالى والأمر تأكيد للتبكيت وإظهار الانقطاع.