وقالوا حكاية لنوع آخر من أنواع كفر أولئك الكفار وقيل : تتمة لما تقدم هذه أي ما جعلوه لآلهتهم والتأنيث للخبر أنعام وحرث أي زرع حجر أي ممنوع منها وهو فعل بمعنى مفعول كالذبح يستوي فيه الواحد والكثير والذكر والأنثى لأن أصله المصدر ولذلك وقع صفة لأنعام وحرث .
وقرأ الحسن ( حجر ) بضم الحاء وقرأ أيضا بفتح الحاء وسكون الجيم وبضم الحاء والجيم معا ويحتمل في هذا أن يكون مصدرا كالحلم أو أن يكون جمعا كسقف ورهن وعن وقتادة ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ( حرج ) بكسر الحاء وتقديم الراء على الجيم أي ضيق وأصله حرج بفتح الحاء وكسر الراء وقيل : هو مقلوب من حجر كعميق ومعيق وابن الزبير لا يطعمها أي يأكلها إلا من نشاء يعنون كما روي عن الرجال دون النساء وقيل : يعنون ذلك وخدم الأوثان والجملة صفة أخرى لأنعام وحرث وقوله سبحانه : ابن زيد بزعمهم متعلق بمحذوف وقع حالا من فاعل قالوا أي قالوا ذلك متلبسين بزعمهم الباطل من غير حجة وأنعام خبر مبتدأ محذوف والجملة معطوفة على قوله سبحانه : هذه أنعام أي قالوا مشيرين إلى طائفة من أنعامهم وهذه أنعام وقيل : إن الإشارة أولا إلى ما جعل لآلهتهم السابق وما بينهما كالاعتراض وهذا عطف على أنعام المتقدم إدخاله فيما تقدم لأن المراد به السوائب ونحوها وهي بزعمهم تعتق وتعفى لأجل الآلهة حرمت أي منعت ظهورها فلا تركب ولا يحمل عليها [ ص: 35 ] وأنعام أي وهذه أنعام على ما مر .
وقوله سبحانه : لا يذكرون اسم الله عليها صفة لأنعام مسوق من قبله تعالى تعيينا للموصوف وتمييزا له عن غيره كما في قوله تعالى : وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله في رأي لا أنه واقع في كلامهم المحكي كنظائره كأنه قيل : وأنعام ذبحت على الأصنام فإنها التي لا يذكر اسم الله تعالى عليها وإنما يذكر عليها اسم الأصنام وأخرج وغيره عن ابن المنذر أبي وائل أن المعنى لا يحجون عليها ولا يلبون .
وعن كانت لهم طائفة من أنعامهم لا يذكرون اسم الله تعالى عليها ولا في شيء من شأنها لا إن ركبوا ولا إن حلبوا ولا ولا مجاهد افتراء عليه أي على الله سبحانه وتعالى ونصب افتراء على المصدر إما على أن قولهم المحكي بمعنى الافتراء وإما على تقدير عامل من لفظه أي افتروا افتراء أو على الحال من فاعل قالوا أي مفترين أو على العلة أي للافتراء وهو بعيد معنى و ( عليه ) قيل : متعلق بقالوا أو بافتراء المقدر على الاحتمالين الأولين وبافتراء على الاحتمالين الأخيرين ولا يخفى بعد تعلقه بقالوا والذي دعاهم إليه ومنعهم من تعلقه بالمصدر على ما قيل إن المصدر إذا وقع مفعولا مطلقا لا يعمل لعدم تقديره بأن والفعل وفيه نظر لأن تأويله بذلك ليس بلازم لتعلق الجار به فإنه مما يكفيه رائحة الفعل .
وجوز أبو البقاء أن يكون الجار متعلقا بمحذوف وقع صفة لافتراء أي افتراء كائنا عليه سيجزيهم لا بد بما كانوا يفترون (138) أي بسببه أو بدله وأبهم الجزاء للتهويل