ثم قالوا تحبها قلت بهرا عدد الرمل والحصى والتراب
وقولهم: لو أريد النفي لم يتصل الكلام بشيء لظهور كان تحت النفي واتصال الكلام عليه، قيل: الكلام إخبار عن المستقبل فليس مما يلزم فيه التكرير؛ أي: فلا يقتحم العقبة لأن ماضيه معلوم بالمشاهدة فالأهم الإخبار عن حاله في الاستقبال لكي لتحقق الوقوع عبر بالماضي. ونقل الطيبي عن عدم وجوب تكريرها رادا على أبي علي الفارسي في زعمه ذلك. وقال: هي كلم، والتكرر في نحو الزجاج فلا صدق ولا صلى لا يدل على الوجوب كما في لم يسرفوا ولم يقتروا وعلى عدم التكرار جاء قول أمية السابق:
إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك لا ألما
والمتيقن عندي أكثرية التكرر، وأما وجوبه فليس بمتيقن والله تعالى أعلم. وقرأ والنحويان: «فك» فعلا ماضيا «رقبة» بالنصب «أو أطعم» فعلا ماضيا أيضا وعلى هذه القراءة ففك مبدلة من اقتحم وما بينهما اعتراض. ومعناه أنك لم تدر كنه صعوبتها على النفس وكنه ثوابها عند الله عز وجل. ابن كثير
وقرأ كذلك إلا أنه قرأ «ذا مسغبة» بالألف على أن «ذا» منصوب على المفعولية بأطعم؛ أي: أطعم في يوم من الأيام إنسانا ذا مسغبة، ويكون يتيما بدلا منه أو صفة له. وقرأ هو أيضا أبو رجاء «أو إطعام في يوم ذا» بالألف أيضا على أنه مفعول به للمصدر. وقرأ بعض التابعين: «فك رقبة» بالإضافة «أو أطعم» فعلا ماضيا وهو معطوف على المصدر لتأويله به. والحسن:
والتراخي المفهوم من «ثم» في قوله تعالى: ثم كان إلخ رتبي فالإيمان فوق جميع ما قبله لأنه يستقل بكونه سببا للنجاة وشكرا بدون الأعمال كما فيمن آمن بشرطه ومات في يومه قبل أن يجب عليه شيء من الأعمال فإن ذلك ينفعه ويخلصه بخلاف ما عداه فإنه لا يعتد به بدونه. وقوله سبحانه: وتواصوا بالصبر عطف على آمنوا؛ أي: أوصى بعضهم بعضا بالصبر على الإيمان والثبات عليه أو بذلك والصبر على الطاعات أو به، والصبر على المعاصي وعلى المحن التي يبتلى بها الإنسان.
وتواصوا بالمرحمة أي: بالرحمة على عباده عز وجل ومن ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو تواصوا بأسباب رحمة الله تعالى وما يؤدي إليها من الخيرات على أن المرحمة مجاز عن سببها أو الكلام على تقدير مضاف. وذكر أن وتواصوا بالصبر إشارة إلى تعظيم أمر الله تعالى: وتواصوا بالمرحمة إشارة إلى الشفقة على خلق الله تعالى وهما أصلان عليهما مدار الطاعة وهو الذي قاله بعض المحققين الأصل في التصوف أمران: صدق مع الحق، وخلق مع الخلق أولئك إشارة إلى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيز صلته وما فيه من معنى البعد مع قرب المشار إليه لما مر غير مرة؛ أي: أولئك الموصوفون بالنعوت الجليلة المذكورة أصحاب الميمنة أي: جهة اليمين التي فيها السعداء أو اليمن لكونهم ميامين على أنفسهم وعلى غيرهم