يشهده المقربون صفة أخرى لكتاب؛ أي: يحضرونه على أن يشهد من الشهود بمعنى الحضور، وحضوره كناية عن حفظه في الخارج أو يشهدون بما فيه يوم القيامة على أنه من الشهادة، وعلى الوجهين المراد بالمقربين جمع من الملائكة عليهم السلام كذا قالوا. وأخرج من طريق عبد بن حميد خالد بن عرعرة وأبي عجيل أن سأل ابن عباس كعبا عن هذه الآية فقال: إن المؤمن يحضره الموت ويحضره رسل ربه عز وجل، فلا هم يستطيعون أن يؤخروه ساعة ولا يعجلوه حتى تجيء ساعته، فإذا جاءت ساعته قبضوا نفسه فدفعوه إلى ملائكة الرحمة فأروه ما شاء الله تعالى أن يروه من الخير، ثم عرجوا بروحه إلى السماء فيشيعه من كل سماء مقربوها حتى ينتهوا به إلى السماء السابعة فيضعونه بين أيديهم ولا ينتظرون به صلاتكم عليه فيقولون: اللهم هذا عبدك فلان قبضنا نفسه، ويدعون له بما شاء الله تعالى أن يدعوا له، فنحن نحب أن تشهدنا اليوم كتابه فينشر كتابه من تحت العرش فيثبتون اسمه فيه وهم شهود؛ فذلك قوله تعالى: كتاب مرقوم يشهده المقربون وسأله عن قوله تعالى: إن كتاب الفجار الآية. فقال: إن العبد الكافر يحضره الموت ويحضره رسل ربه سبحانه فإذا جاءت ساعته قبضوا نفسه فدفعوه إلى ملائكة العذاب فأروه ما شاء الله تعالى أن يروه من الشر، ثم هبطوا به إلى الأرض السفلى وهو سجين وهي آخر سلطان إبليس فأثبتوا كتابه فيها الحديث، وفي بعض الأخبار ما ظاهره أن نفس العمل يكون في سجن ويكون في عليين.
فقد أخرج عن ابن المبارك صخر بن حبيب قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: «إن الملائكة يرفعون أعمال العبد من عباد الله تعالى يستكثرونه ويزكونه حتى يبلغوا به إلى حيث شاء الله تعالى من سلطانه، فيوحي الله تعالى إليهم إنكم حفظة على عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه، إن عبدي هذا لم يخلص لي عمله فاجعلوه في سجين، ويصعدون بعمل العبد يستقلونه ويستحقرونه حتى يبلغوا به إلى حيث شاء الله تعالى من سلطانه فيوحي الله تعالى إليهم إنكم: حفظة على عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه؛ إن عبدي هذا أخلص لي عمله فاجعلوه في عليين».
وبأدنى تأويل يرجع إلى ما تضمنته الآية. فلا تغفل.