وإذا الوحوش جمع وحش وهو حيوان البر الذي ليس في طبعه التأنس ببني آدم، والمراد به ما يعم البهائم مطلقا. حشرت أي: جمعت من كل جانب؛ وذلك قبيل النفخة الأولى حين تخرج نار تفر الناس والأنعام منها حتى تجتمع، وقيل: أميتت من قولهم: إذا أجحنت السنة الناس حشرتهم، ونحوه ما أخرج عن عبد بن حميد أنه قال: حشرها موتها، وعن مجاهد تفسير الحشر بالجمع إلا أنه قال كما أخرجه جماعة وصححه ابن عباس جمعت بالموت فلا تبعث ولا يحضر في القيامة غير الثقلين، وقيل: بعثت للقصاص فيحشر كل شيء حتى الذباب، وروي ذلك عن الحاكم أيضا وعن ابن عباس وجماعة. وفي رواية عن قتادة تحشر الوحوش حتى يقتص من بعضها لبعض فيقتص للجماء من القرناء ثم يقال لها موتي فتموت، وقيل: إذا قضي بينها ردت ترابا فلا يبقى منها إلا ما فيه سرور لبني الحبر: آدم وإعجاب بصورته كالطاووس والظبي. وقيل: يبقى كل ما لم ينتفع به إلا المؤمن كشاة لم يأكل منها إلا هو، ويدخل ما يبقى الجنة على حال لائقة بها، وذهب كثير إلى ميلا إلى هذه الأخبار ونحوها. بعث جميع الحيوانات
فقد أخرج مسلم عن والترمذي في هذه الآية قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: أبي هريرة «لتؤدن الحقوق إلى [ ص: 52 ] أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجماء من الشاة القرناء».
وزاد «وحتى الذرة من الذرة». أحمد بن حنبل:
ومال حجة الإسلام الغزالي وجماعة إلى أنه لا يحشر غير الثقلين لعدم كونه مكلفا إلا أهلا للكرامة بوجه وليس في هذا الباب نص من كتاب أو سنة معول عليها يدل على حشر غيرهما من الوحوش، وخبر مسلم وإن كان صحيحا لكنه لم يخرج مخرج التفسير للآية، ويجوز أن يكون كناية عن العدل التام وإلى هذا القول أميل ولا أجزم بخطأ القائلين بالأول؛ لأن لهم ما يصلح مستندا في الجملة. والله تعالى أعلم. وقرأ والترمذي الحسن وعمرو بن ميمون: «حشرت» بالتشديد للتكثير.