سورة التكوير
ويقال: سورة كورت، وسورة إذا الشمس كورت وهي مكية بلا خلاف، وآيها تسع وعشرون آية، وفي التيسير ثمان وعشرون، وفيها من شرح حال يوم القيامة الذي تضمنه آخر السورة قبل ما فيها.
وقد أخرج الإمام أحمد وحسنه والترمذي وصححه عن والحاكم قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ابن عمر إذا الشمس كورت و إذا السماء انفطرت و إذا السماء انشقت «من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ
أي السور الثلاث وكفى بذلك مناسبة.
بسم الله الرحمن الرحيم إذا الشمس كورت أي: «لفت» من كورت العمامة إذا لففتها وهو مجاز عن رفعها وإزالتها من مكانها بعلاقة اللزوم؛ فإن الثوب إذا أريد رفعه يلف لفا ويطوى ثم يرفع، ونحوه قوله تعالى: يوم نطوي السماء ويجوز أن يراد لف ضوئها المنبسط في الآفاق [ ص: 50 ] المنتشر في الأقطار، إما على أن الشمس مجاز عن الضوء فإنه شائع في العرف، أو على تقدير المضاف، أو على التجوز في الإسناد ويراد من لفه إذهابه مجازا بعلاقة اللزوم كما سمعت آنفا، أو رفعه وستره استعارة كما قيل، وقد اعتبر تشبيه الضوء بالجواهر والأمور النفسية التي إذا رفعت لفت في ثوب ثم تعتبر الاستعارة ويجعل التكوير بمعنى اللف قرينة ليكون هناك استعارة مكنية تخييلية، وكون المراد إذهاب ضوئها مروي عن الحسن وقتادة وهو ظاهر ما رواه جماعة عن ومجاهد، من تفسيره ابن عباس كورت ب «أظلمت»، والظاهر أن ذاك مع بقاء جرمها كالقمر في خسوفه، وفي الآثار ما يؤيد ذلك، وقيل: إن ذاك عبارة عن إزالة نفس الشمس والذهاب بها للزوم العادي واستلزام زوال اللازم لزوال الملزوم، ويجوز أن يكون المراد ب كورت ألقيت عن فلكها وطرحت من طعنه فحوره وكوره؛ أي: ألقاه مجتمعا على الأرض، وإلقاؤها في جهنم مع عبدتها كما يدل عليه بعض الأخبار المرفوعة ويذهب إذا ذاك نورها كما صرح به أو في البحر كما يدل عليه خبر القرطبي ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن ابن عتيك، وفيه أن الله تعالى يبعث ريحا دبورا فتنفخه أي البحر حتى يرجع نارا، وعظم جرم الشمس اليوم لا يقتضي استحالة إلقائها في البحر ذلك اليوم؛ لجواز اختلاف الحال في الوقتين، والله عز وجل على كل شيء قدير، لكن جاء في الأخبار الصحيحة والأبحر حينئذ لتلقى فيه بعد فلا تقفل، وعن أن الشمس تدنو يوم القيامة من الرؤوس في المحشر حتى تكون قدر ميل ويلجم الناس العرق يومئذ أبي صالح «كورت» نكست. وفي رواية عن تكويرها: إدخالها في العرش، وعن ابن عباس: أيضا: اضمحلت، ومدار التركيب على الإدارة والجمع. هذا ولم نقف لأحد من السلف على إرادة لفها حقيقة، وللمتأخرين في جواز إرادته خلاف فقيل: لا تجوز إرادته؛ لأن الشمس كرية مصمتة، وغاية اللف هي الإدارة وهي حاصلة فيها، وقيل: تجوز لأن كون الشمس كذلك مما لا يثبته أهل الشرح وعلى تسليمه يجوز أن يحدث فيها قابلية اللف بأن يصيرها سبحانه منبسطة ثم يلفها وله عز وجل في ذلك ما له من الحكم، ويبعد إرادة الحقيقة فيما أرى كونها كيفما كانت من الأجرام التي لا تلف كالثياب، نعم القدرة في كل وقت لا يتعاصاها شيء، وارتفاع الشمس بفعل مضمر يفسره المذكور عند جمهور البصريين لاختصاص إذا الشرطية عندهم بالفعل وعلى الابتداء عند مجاهد والكوفيين لعدم الاختصاص عندهم، وكون التقدير خلاف الأصل. الأخفش
وكذا يقال في قوله تعالى: