الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكتبة الإسلامية

الرئيسية
المكتبة الإسلامية

تفسير الألوسي

الألوسي - محمود شهاب الدين أبو الثناء الألوسي

صفحة

جزء

فإن الجنة هي المأوى له لا غيرها، والظاهر أن هذا التفصيل عام في أهل النار وأهل الجنة.

وعن ابن عباس أن الآيتين نزلتا في أبي عزير بن عمير وأخيه مصعب بن عمير رضي الله تعالى عنه؛ كان الأول طاغيا مؤثر الحياة الدنيا، وكان مصعب خائفا مقام ربه ناهيا النفس عن الهوى، وقد وقى [ ص: 37 ] رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بنفسه يوم أحد حين تفرق الناس عنه حتى نفذت المشاقص أي السهام في جوفه، فلما رآه عليه الصلاة والسلام متشحطا في دمه قال: «عند الله تعالى أحتسبك» وقال لأصحابه: «لقد رأيته وعليه بردان ما تعرف قيمتهما، وإن شراك نعله من ذهب، ولما أسر أخوه أبو عزير ولم يشد وثاقه إكراما له وأخبر بذلك قال: ما هو لي بأخ؛ شدوا أسيركم؛ فإن أمه أكثر أهل البطحاء حليا ومالا.

وفي الكشاف أنه قتل أخاه أبا عزير يوم أحد، وعن ابن عباس أيضا أنهما نزلتا في أبي جهل وفي مصعب، وقيل: نزلت الأولى في النضر وابنه الحارث المشهورين بالغلو في الكفر والطغيان.

فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى لَهُ لَا غَيْرُهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ عَامٌّ فِي أَهْلِ النَّارِ وَأَهْلِ الْجَنَّةِ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْآيَتَيْنِ نَزَلَتَا فِي أَبِي عُزَيْرِ بْنِ عُمَيْرٍ وَأَخِيهِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ؛ كَانَ الْأَوَّلُ طَاغِيًا مُؤْثِرَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَكَانَ مُصْعَبٌ خَائِفًا مُقَامَ رَبِّهِ نَاهِيًا النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، وَقَدْ وَقَى [ ص: 37 ] رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ حَتَّى نَفَذَتِ الْمَشَاقِصُ أَيِ السِّهَامُ فِي جَوْفِهِ، فَلَمَّا رَآهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مُتَشَحِّطًا فِي دَمِهِ قَالَ: «عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى أَحْتَسِبُكَ» وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: «لَقَدْ رَأَيْتُهُ وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ مَا تُعْرَفُ قِيمَتُهُمَا، وَإِنَّ شِرَاكَ نَعْلِهِ مِنْ ذَهَبٍ، وَلَمَّا أُسِرَ أَخُوهُ أَبُو عُزَيْرٍ وَلَمْ يُشَدَّ وِثَاقُهُ إِكْرَامًا لَهُ وَأُخْبِرَ بِذَلِكَ قَالَ: مَا هُوَ لِي بِأَخٍ؛ شُدُّوا أَسِيرَكُمْ؛ فَإِنَّ أُمَّهُ أَكْثَرُ أَهْلِ الْبَطْحَاءِ حُلِيًّا وَمَالًا.

وَفِي الْكَشَّافِ أَنَّهُ قَتَلَ أَخَاهُ أَبَا عَزِيرٍ يَوْمَ أُحُدٍ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُمَا نَزَلَتَا فِي أَبِي جَهْلٍ وَفِي مُصْعَبٍ، وَقِيلَ: نَزَلَتِ الْأُولَى فِي النَّضِرِ وَابْنِهِ الْحَارِثِ الْمَشْهُورَيْنِ بِالْغُلُوِّ فِي الْكُفْرِ وَالطُّغْيَانِ.

التالي السابق

الخدمات العلمية

تفسير الآية ترجمة علم عناوين الشجرة تخريج حديث